مُنذ أن أنشأتُ هذا اللعين المَدعُو الفيسبوك في سَنَتي الأولى من الجامعة وأنا لم أُغلِقُه إطلاقاً....أحياناً كُنتُ أغيب عنه بالأسابيع وَوَصلتُ أحياناً لِشُهور.....كُنتُ أنقطِعُ عن النشر على صفحتي الخاصة ولَكني كُنتُ أُشاهد الأخبارُ في صَمتٍ حتى لا يعلمُ أحدٌ بوجودي.....أما الآن ما عُدتُ مثلَ السابق.... نعم أصبحتُ أتجاهل وأمضي ولكنني سأكونُ كاذبة إن قُلتُ أنني لم أتألم....لم أَعُد أحتمل ثُقلَ هذا العالم الوَهمي المُزيف على قلبي....أصبح الإندهاشُ شيئاً طبيعياً يُلازِمُني....أندهِشُ من هذا العالم الكاذب أو بالأحرى من جميع البشر هُنا وفي هذه الدُنيا....لا أعرِف على ماذا يتكالبون هكذا...أحدهُم يُريدُ أن ينتصر لِنفسِه في جدالٍ مع أحدٍ آخر....وآخر يهتم بذلك المُغني الذى انت.حر مُنذ بضعةِ أيام...وأُخرى تُعلِن التَحرُر بنزعِ الحجاب وتعترض على الدولة الدينية بأنها لا تحوى حُرية بينما العلمانية تُطلِق الحُريات!!...وأُخرى تفرِضُ رأيها على الآخرين....وأُخرى تُحاول أن تُظهِر للجميع مدى ثقافتِها وبلاغتِها عند كتابتِها إحدى الجُمل....وآخر ينقادُ وراء التريند....وأُخرى لا تنشُر سوى عن الحرب ومدى قُبح البشر في الصمت.....دُنيا!!!.....جميعَهم لا يَدروُن أنهم يتكالبون على الدُنيا....جميعهم يحملون الدُنيا بما فيها من شهوة في أرواحِهم حتى تَدَنَست....أُشاهِدُ كُل ذلك فيعتصرُ قلبي من الألم....وأشعُر بِقُربِ النهاية....فأخافُ بأن أُصبِحُ مثلَهم مُلطَخة بزيفِ هذه الدُنيا الحقيرة....فأنسى نفسي وأضيع....كان النبيُ مُحِقاً عندما كان يدعو بهذا الدُعاء دائماً "اللهم لا تجعل الدُنيا أكبر همِنا ولا مبلغ عِلمِنا"....وكان الإمامُ بن القيم مُحِقاً أيضاً عندما قال عِش الدُنيا ولكن لا تجعلها في قلبك بل في يَدِك....آااااه لو يعلموا بأن البشر أصبحوا يعيشون الدُنيا وكأنهم باقون فيها للأبد!!!.....عقلي وقلبي وَرُوحي لا يستوعبون ماأصبحنا فيه....يسألونني دائماً هل لِلخُلودِ من سبيل؟!!....فأُذكِرهُم دائماً.....إنها دُنيا حَقيرة والله حقيرة....لا تُساوي عند رَبِكُم جناح بعوضة....فيتسألون مُجدداً فلماذا البشرُ هكذا انعدمت إنسانيتهم ويُفسدون في الأرض ويَطغون وكأنهم ليسوا مُستَخلفين؟!!....فأُجيبَهُم بأن يوماً واحداً عِند رَبِكُم كخمسين ألف سَنةٍ مِما يَعُدُون....إنَّ الموتَ هو الحقيقة الوحيدة لو يَعلمون....لذلك سأرحل من هُنا....سأترُكُ هذا العالم المُزيف لِأصحابِه....لا أعلمُ متى العودة....ولكني مُوقِنة أنني لم أَعُد أحتمل كُلَ ذلك....أنا بحاجةٍ ماسة لِأُلَملِمَ شتاتَ قلبي المُتبعثر في كُلِ مكان....بحاجةٍ ماسة لِهُدنةٍ مع نفسي لِأُطهِرَها من كُلِ تلك الأوساخِ والآفاتِ والدَنَس....بحاجةٍ ماسة لِترمِيمِ كُلِ قطعةٍ مُمزَقةٍ في رُوحي....لذلك سأرحل....لأنني وإن لم يَبدو علىَّ ملامِح الثَورة....فأنا الآن كالبُركانِ الثائرِ النَشِط على وَشَكِ الإنفجارِ في أيَةِ لَحظة....قد كَرِهتُ صَوت تِلكَ الأصواتِ العالية....أَصبحَ الضجيجُ يُمزِقُني من الداخل لِأشلاءٍ دامية....حان الوقت الآن لِلعَودة إلي صومَعتي الصغيرة...حيثُ الحياة البدائية بعيداً عن زيفِ التُكنولوجيا والعالم الإفتراضي....حيثُ الهدوء والصمت والأمان....حيثُ اللا بَشر....واللا خوف....حيثُ أنا ونفسي مَع الله.