مازلتُ أذكر تلك الليلة التى تقابلنا فيها أول مرة ومازلتُ أذكر الوقت والمكان ،مازلتُ أذكر ماذا دار بيننا من حديث وكيف كانت أمواج البحر حينها...كنتُ حينها أجلس هنا على تلك الصخرة أمام البحر كما حالى الآن،كنتُ شاردة فى اللاشئ أنظر للبحر...حين جئت أنت وأنتشلتنى من شرودى وأقتحمت علىَّ خُلوتى التى أهرب بها من ضجيج العالم ومن الناس..حينها قلت لى:هل تسمحين لى بالجلوس معكى...وقتها أنقبضا حاجباى فى ضيق وأنا أمُطُ شفتاى فى إستياءٍ واضح...حينها جلست جانبى ونظرت لى ووجهك يعلوه إبتسامة صافية لم تُلوثها شوائب الأيام ثم أردفت:علمتُ بأن قلبكِ أبيض وستسمحين لى بالجلوس معكى فى هذا الجو الرائع.....لم استطع تمالك نفسى حينها فضحكت على ماقمت به....حينها رأيتك تنظر لى نظرة أربكتنى ثم قلت:هل تعلمين بأن القمر قد سقط على الأرض....نظرتُ إليك حينها بتعجب...فكان جوابك تلك النظرة التى أربكتنى مرة أخرى فأدركتُ حينها ماذا تقصد....وساد الصمت بيننا لدقائق كانت أمواج البحر حينها هادئة على غير العادة وكأنها تستمع لما يدورُ بيننا من حديث....قطعت أنت هذا الصمت القائم بقولك:كنتُ أظن بأننى وحدى من أعشق البحر حد السهر ولكننى الآن أُغير رأيى،هل تأتين إلى هنا دائماً؟!؟ أومأتُ برأسى فى إيجاب،فأردفت أنت:حافظى على علاقتك به فهو صديقٌ وفىٌ للغاية،بُوحى له بكل الأسرار وتأكدى بأنه لن يُفشِ سراً،ومهما فعل البحر يظلُ مخلصاً فلا تكرهيه ياصغيرتى،فلطالما كان شاهداً على أحزان المجروحين ومُستمع لشكاوى المهمومين وحامل لرسائل العاشقين......كفكفتُ دموعى بعدما انتهيتُ من بوحى للبحر....فأنا أُحافظ على ذلك الموعد منذ سنوات لعل البحر يأتينى برسالة عنك.....فى تلك اللحظة هاج البحر وتلاطمت الأمواج كما لم يحدث يوماً وكأن البحر يُعلن عن ثورةٍ ما بداخله......حينها فقط علمت بأنه أنت....ثائر أفتقدتُكَ كثيراً......أعِدُك لن ألوم البحر......