أحياناً قد يسقُط الإنسان بداخل حلقة مُفرغة...أو بالأحرى...مَدار يظل يَدُورُ بِه وإن فَكَرَ يوماً في الهرب يعود إلى نفس النُقطة التي هَربَ مِنها.....هكذا هي الحال دائماً مع بعض الحالات التي تُعاني من إحدى أطياف التوَحُد....وكذلك الحال مع أُسرِهِم....أَن تُرزَق بِطفلٍ مُمَيز هكذا يُصبح عالمَك دائماً صعباً للغاية...فجميع حياتك وأحلامك سَتُجبَر على أن تتخلى عنها لأجلُه....وستُهيىء نفسك وخطواتك وحركاتَك وأفعالَك لتتوافق معه....ويُصبح كوكَبكَ لا يدُور إلا في مَدَارُه الخاص هو فقط.....عندما تُصبحين أماً لطفلاً مميزاً لا تستطيعين لَمسُه..ستتعلمين حينها كيف تحتضنون بعض بأرواحكم وليس بأذرُعِكُم....ستعرفون كيف أنَ العالم أفضل بدون كذِب وكيف يُمكن أن تعيشون بلا كَذِب...ستتعلمون معنى البراءة....ستَتعلمون وقتها كيف تُصبحون أشخاصاً أفضل وستُصبحون كذلك لأنه لا خيار عكس ذلك....ستتعلمون منهم كيف تصبحون سعداء في ذلك الوضع...ستتعلمون الصبر والهدوء منهم وحتى حب الأرقام...سيعلموكم كيف ترون مالا تستطيعون رؤيته وتسمعون مالاتستطيعون سماعه في العادة...ستتعلمون كيف تُصبحون إنسانيين...وستعرفون مع الوقت أن الحياة أهدتكم هَدية جميلة للغاية لا تُقدر بثمن...ولكن عندما يأتي وقت ويُقررون فيه أن يُحاولوا فعل الأشياء بمُفردهم وبدون مُساعدة منكم...ستشعرون بالحُزن وبأن مجهود تلك السنوات التي قضيتوها بجانبهم والتي كنتم تحومون فيها حولهم وكُنتم رادارهم وقمرهم الذي يُنير دربَهم...تحطم بالكامل...ولكن وقتها ستُدركون أنكم كنتم مخطئين لأنكم ستعرفون أنهم هم من كانوا قَمرُكم وراداركم وشمسُكم وأنتم تبقون في الظلام كلما ابتعدوا هم عنكم....ولكن لا تنسوا أنتم ستظلون دائما عالمهم بالكامل....ومعهم ستصبحون عائلة حقيقية وسعيدة لأن ببساطة التوحد ليس مرضاً وإنما اضطراب في النمو العصبي....يعنى بِعبارَةٍ أوضح... هُم ليسوا مَرضى... فقط لديهم تَصور مختلف عن الأغلبية وحواسهم متقدمة للغاية أحياناً يؤدي هذا إلى فوضى وأحياناً يؤدي إلى معجزات سيكون من الصواب أكثر قول أن واقعهم يبدو كمعجزة لنا ويجب أن نتعامل معهم على هذا الأساس.
*الحياة لديها خيال أوسع من الذي قد نراه في الأفلام....تقول أسطورة الحجر الأسود من يدوس على الحجر الأسود في فوشا لا يخرج منها أبداً....وهذا ماحدث.