عندما رآها كانت تبكى بِحُرقةٍ فى أحد الحدائق العامة وتنظرُ للأرض،كانت ترتدى فستاناً أبيضاً من خامةِ الشيفون أما شعرها فَيُشبِه سماء الليل المُرصعة بالنجوم...لم يستطع أن يرفع نظرَهُ عنها...كان يُريدُ أن يعرف لماذا تبكى تِلكَ المَلاك بهذا الشكل ومن ذا الذى تجرأت نفسه على جعل لُؤلؤتيها تبكيان بهذه الشدة؟!!....لم يستطع إزالة صورتها المطبوعة فى عقلُه ذلك اليوم وأمضى الليل يُفكر فيها....ومَرَت سنوات على تلكَ الواقعة حتى رآها مرةً أُخرى فى نفس الحديقة وتبكى بنفس الحُرقة ولكن تِلك المرة قرر أن يذهب إليها وألا يُضَيعها كما فعَلَ من قبل...عندما ذهب إليها كانت تنظر إلى الأرض وتبكى...فأقترب منها ببطئ وأنحنى نحوها ثم قام بِسؤالِها لماذا كُل هذا البُكاء فرفعت عيناها الباكيتان نحوه وأردفت فى براءةٍ ساحرة لقد سَقَطَت حَلوَتى لقد سَقَطت حَلوَتى...فنظر حينها نحو الأرض فى إندهاشٍ ليجد حَلوَى غزل البنات مُغطاة بالطين فى الأرض...فتَعجَب من ردةِ الفعل تِلك وكُل هذا البكاء فقط على حلوى غزل البنات من فتاةٍ يبدو عليها أنها فى ربيعها العشرون!!...فقال لها بلُطفٍ وحرص سأبتاعُ لكِ واحدةً جديدة فنظرت إليه بفرحة وأبتسمت ملئ شفتيها إبتسامةٌ ساحرة لم يرى مثلها من قبل،قائلة لَهُ بكُلِ براءة:حقاً؟!!...ثم صمَتَت قليلاً وأحنت رأسها وأجهشت فى البكاء لم يفهم ماذا حدث وماذا يفعل وماتفسير ماحدث...بعدها بلحظات جاء شابٌ ثلاثينى أمسكَ بيدها وقال لها:هيا ياأمل حان وقت العودة للمنزل لقد أنتهت النُزهة فسارت مَعهُ وهى تبكى ثم أختفت من أمامُه...بعدها بأيام عَلِمَ أنها أعتادت أن تأتى لتلك الحديقة مع والدتها فى عُمر السابعة وكانت تبتاعُ لها حلوى غزل البنات دائماً وعندما كانت تُسقِطُها كانت والدتَها تبتسم لها دائماً مُقَبِلةً إياها قائلة لابأس صغيرتى سأشترى لكِ حلوى قُطنية أخرى...وعندما تَوفَت والدتها التى كانت مُتعلقةٌ بها حد المرض،لم يستوعب عقلها ذلك ودخلت فى حالة إضطراب مابعد الصدمة ومن يومها وهى تأتى لتلك الحديقة وتشترى الحلوى القُطنية وتُسقطها مُتعمدة لعل والدتها تأتى وتُقبلِها وتبتسم وتشترى لها أخرى ومنذ ذلك اليوم توقفت حياتها عند عُمر السابعة فهى لاتدرى أنها اصبحت فى العشرين وبأن أحدُهم قد أَحبَ طِفلةً فى السابعة الآن......هى لاتدرى.....