بعدما فَرَغتُ مِن أَكْلِ الوَقْتِ،
أَبْقَيْتُ بَضْعَ لَحَظَاتٍ لِوَجْبَةٍ أُخْرَى،
رُبما ذَاكِرَتِي تَجُوعُ...
تَخَلَّصْتُ مِن بَوَاقِي الزَّمَنِ المُهْدَرَةِ،
جَمَعْتُهَا بِكِيسٍ وَاحِدٍ،
أَحْكَمْتُ غَلْقَهُ بِشِدَّةٍ،
وَأَطَحْتُ بِهِ فِي سِرْدَابِ اللَّا وَعْيِ،
ثُمَّ اسْتَرَحْتُ...
اسْتِرَاحَةً قَصِيرَةً،
قَبْلَ أَنْ أَعُودَ لِأَجْمَعَ مُخَلَّفَاتٍ أُخْرَى،
وَأَبْحَثَ عَنْ أَكْيَاسٍ سَوْدَاءَ أُخْرَى،
حَتَّى لَا تَشِفَّ الثَّوَانِيَ الْمَقْتُولَاتِ،
وَالدَّقَائِقِ الَّتِي تَنَاثَرَتْ مِن فَمِي،
وَأَنَا أَلُوكُهَا فِي نَهَمٍ.
كَمْ كُنْتُ حَمْقَاءَ عِنْدَمَا أَكَلْتُ الوَقْتَ نَيًّا،
دُونَ طَهْوٍ، وَأَنَا أَمْتَلِكُ كُلَّ النِّيرَانِ وَحْدِي!
أَوْ رُبَّمَا اعْتَادَ الوَقْتُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِنِيرَانِ ذَاكِرَتِي،
يُطْهَى ذَاتِيًّا،
دَاخِلَ العَقْلِ المُسْتَعِرِ بِالْجُوعِ!
أَحْتَاجُ بَحْرًا كَامِلًا يَرْوِي عَطَشِي،
وَيُطْفِئُ السَّعِيرَ...
أُرِيدُهُ بَحْرًا، وَلَكِنَّهُ حُلْوُ الْمَذَاقِ،
كَفَانِي مِلُوحَةَ الزَّمَنِ المُتَبَّلِ بِسَخَاءٍ.
وَجْبَتِي يَنْقُصُهَا الرِّفَاقُ،
أَوْ إِنَّنِي اكْتَفَيْتُ،
حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّنِي الكَوْنُ!
بِدَاخِلِي كُلُّ البَشَرِ،
بِدَاخِلِي كُلُّ الوُجُوهِ،
بِدَاخِلِي سِتُّمِائَةِ أَلْفِ نَجْمَةٍ تَلْمَعُ،
وَسَبْعِ سَمَاوَاتٍ تَدُورُ بِهِنَّ،
مَلَايِينُ الكَوَاكِبِ، وَقَمَرٌ وَاحِدٌ فَقَطْ!
لَا شُمُوسَ بِدَاخِلِي...
أَنَا شَمْسٌ بِذَاتِي،
أَدُورُ حَوْلَ نَفْسِي دَوْرَةً كَامِلَةً كُلَّ صَبَاحٍ،
وَأَسْتَرِيحُ لِآخُذَ وَجْبَتِي...
وَحِينَ أَمَلُّ، أَرْسُمُ سُهُولًا وَأَطْفَالًا تَلْهُو،
وَأَنَا فِي وَسَطِ حَلَبَةِ المُصَارَعَةِ أَقِفُ وَحِيدَةً،
لِيُصَارِعَنِي الوَقْتُ،
نَتَصَارَعُ،
أَنْتَصِرُ،
أَقْتُلُهُ،
وَأَسْتَعِدُّ لِوَجْبَةٍ جَدِيدَةٍ!