كرِهتُ كلَّ الكلامِ
وَحشٌ يتوطَّنُ الحرفَ بِشراسة
يَفترشُ عَشبَ المعنَى
ويتجذَّرُ كأخطبوطٍ مُجنَّح
يَسبحُ في عَقلي
ويَغوصُ في دَمائي مُتلذِّذًا
يُخرجني من أَفكاري
ويَجعلُنا في صِراعٍ دائم..
بَناتُ أَفكاري ماكرات
يَلبسنَ زيًّا مُختلفًا كلَّ ليلة
يَتسابقن: من تفوزُ تُتوَّجُ مَلكة!
فِكرةٌ عتيقة
فِكرةٌ غامضة
وفِكرةٌ لم تُولدْ إلَّا من رحمِ دماغي الصغير..
عانتْ في رحلةِ ولادتها
حتى كادتْ أن تموت...
محاولاتُ إجهاضِها مستميتة..
وصلَتْ بسلام
أَخفيتُها عن العُيون
جعلتُها رهينة..
محظيتي هي تلك
تُلهمُ روحي
وتُشعلُ قنديلي المبارك
دونَ كلام
أنا لا أُحبُّ الكلام
أَصبحتُ أَمقتُ أَصواتَ الأبجديةِ اللعينة
اللعبَ بالحرف
اللعبَ بالمعنَى
كلَّ الزيفِ والتزيين!
كلُّ كلمةٍ: خنجر
وكلُّ تشبيهٍ: نفاق..
ما أَسهلَ الكلام!
ليتني أَعيشُ في دُنيا الطفولة
أُعلِّمُ الأطفالَ كلامًا جديدًا
ناصعَ البياض..
لا نُقطةَ فيه سوداء
ولا رُقعةَ تنفذُ منها رائحةُ الاصطناع!
ليتني أَعيشُ في عالَمٍ ساكن..
بلا حروف
عُيونٌ فقط تقول
وأفعالٌ فقط تُنفَّذ
عالَمٌ ألسِنته ناعمة
بلا نُدوب كذبٍ مُلوَّنة
كرِهتُ كلَّ الكلام،
ولم أعد أَقوى على حَملِ أُذني
ثقيلةٌ هي
مُتخمةٌ بالحديث
كيف أَسدُّ معبرَها لرأسي الصغير؟!
ضوضاءُ العالَم تُشبِهُ الصفير...
أُريدُ هُدوءًا فريدًا.
أُريدُ هُدوءًا.
أُريد...
هُدووووء...