السلام عليكم و رحمة الله ...
كنت مسافرا في رحلة طويلة ... ركبت خلالها "اتوبيس مكيف لشركة الصعيد للنقل البري" ..... و لكون الرحله طويله فقد امطرنا السائق بمجموعه من افلام الفيديو ....
استمتعت بأحد هذه الافلام .... و هو فيلم يسمي "الثلاثه يشتغلونها" ... للفنانه الجميله "ياسمين عبد العزيز" ...
حقيقة اتمني من كل قارئ ان يشاهد هذا الفيلم حتي يتفهم ما سوف يقرأه في هذا الموضوع من تعليق لا يرقي للنقد ... لكنها ملاحظات .. اراها ضروريه
الفيلم يتحدث عن طالبة ثانوية عامه مجتهده جدا ... لا تعلم في حياتها سوي حفظ الكتب و لم تمارس اي نشاط في حياتها سوي التهام الدروس .... حتي حصلت علي مجموع ضَخْم و اصبحت الاولي علي الجمهورية ...
و لأنها لا تفقه شيئا في حياتها سوي المذاكره فقد كانت من السذاجه ما جعلها لا تعي ما يدور حولها و لا تستطيع ان تأخذ قرارا في حياتها الا بمساعدة والدها ...
و عندما دخلت الجامعة تحصنت بنصيحتين ... الاولي من ابيها بأن دعاها الي التفوق حتي تصبح استاذه ثم عميده للكليه ثم رئيسه للجامعه !!! .... و النصيحه الثانيه من امها ... و هي الحصول علي عريس يقود سياره فارهه ... :)
دخلت الطالبه كلية الآثار ... و فوجئت بمجتمع الجامعه المختلط و المضطرب و المحتوي علي أنماط فكريه و ثقافيه و اخلاقيه مختلفه
يتحدث الفيلم علي ان الطالبه انخرطت في بادئ الامر مع التيار اللاخلاقي ..... و نماذجه المعروفه
ثم انخرطت مع التيار المدافع عن الحقوق المدنية و الاجتماعية و المتمثل في نموذج لحركة "خنقتونا" :)
ثم انخرطت في تيار ديني متطرف متمثل في زميلاتها المحجبات ثم شيخ الفضائيات الذي اثر عليها
في الحقيقه .... الفيلم سياسته هادفه ... و لكنه للأسف يعطي انطباعا بالتعميم بخصوص النموذجين الثاني و الثالث ...
لنفسر أكثر ....
لقد جعل الفيلم ... نموذج الشخص المناضل و المدافع عن حقوق الفقراء و المنادي بسياسات العدل الاجتماعي .... نموذجا مشوها ... حيث جعله يركب سياره "مرسيدس" ... و يحتقر الفقراء اثناء حديثه العادي :) .... و انه بلا مبادئ
ثم جعل الفيلم نموذج الشيخ الذي يتحدث في الفضائيات ... علي انه شخص انتهازي ... له وجه سمح امام الكاميرا ... و وجه آخر متعصب و متشدد خلف الكاميرا ... يتحدث عن سماحة الاسلام امام الكاميرا .... و يدفع طالبات كلية اللآثار الي تدمير متحف الكليه ... ثم يتبرأ من فعلته امام الكاميرا .... ثم يجلس في مقهي و يخن "الشيشه" ... أي انه شخص بلا مبادئ
في الحقيقه .. رغم رسالة الفيلم الهادفه جدا .... و جودة اخراجه الخفيف و في اطار كوميدي لطيف .... الا ان معالجته للنموذجين الثاني و الثالث ... تعطي انطباعا لدي المتفرج بأن أي مناضل هو شخص بلا مبادئ .... و أن أي شخص يعظ في الفضائيات هو شخص متشدد او شخص منحل او شخص بلا مبادئ "يشرب السجائر" !!!
المشكله الحقيقيه هي تلك الهمهمات التي تصدر من كل عقل يشاهد الفيلم ثم يخلص الي نتيجه ان النماذج التي وردت في الفيلم هي فعلا اسقاط علي كل النماذج المشابهه في الحياة ...
و هذه مشكله كبيره تقع فيها سينما اليوم .. و التي تريد ان تصل برسالة ما الي المشاهد ... فتراها تصل برسالة اخري عكسيه و موازيه لرسالتها الاصليه ....
و لعل هذه المشكله يمكن معالجتها با يراعي كاتب السيناريو ان لا يضع نموذجا معينا في اطار واحد سلبي او ايجابي ... بل يبرز الصالح و الطالح معا .... حتي تصل للمشاهد فكرة وجود الخطأ و الصحيح في النموذج الواحد ...
اما ان "تستوحد" السينما النموذج ... و تطرحه في اطار سلبي ... فهذا يجعل الرساله مشوهه .... و آثارها ليست ايجابيه بمكان علي المشاهد فالمجتمع بأسره
اشكركم
:)