علي مائدة إفطار عزيز علي قلبي مع أناس احبهم .. كان يقبع بجواري طبق "كفته" زيادة .. صاحبه لم يأت مشكورا ..
و كان كل من علي المائدة قد انهي "الحوادق" .. .. و بدأ في تناول "الحلو" ... و لأني متفهم جيد جدا لقوانين مدينة الأسكندرية التي أحمل جنسيتها كجنسية ثانية بعد 24 عاما فيها.. و من هذه القوانين الصارمة .. أن أكل الحادق يتلوه أكل الحلو .. و لا يمكن العوده من الحلو للحادق أبدا .. فقد ادركت أن طبق الكفته بات من نصيبي لا محالة ..
و كان يجلس علي مائدة الافطار بعض الزملاء الأعزاء .. الذين لا تستطيع أن تفرق بينهم و بين "ضلفتي الدولاب" ... و هم من النوع الذي يأكل الأخضر و الأحمر و اليابس ..
و رغم ذلك لم أشعر بأي قلق علي طبق الكفته .. فشركاء المائدة .. سكندريان أصيلان و لن يخالفا القواعد و يلتفتا لطبق حادق بعد ان وقعوا في فخ أكل "الحلو" .. خصوصا أننا ايضا علي الأراضي السكندرية ..
و بكل ثقة .. اعلنت اعلانا روتينيا تماما - من باب الذوق - لزملاء السفرة .. أن هناك طبق كفته متاح يا حضرات .. و طبعا انتظرت منهم الاعتذار بأدب لانهم لهطوا الحلو .. فأنفرد أنا بطبق الكفته منفردا .. و استمتع به
و كانت الصدمة المزلزلة ... التي هزت أركاني
فقد انقض الزملاء الكفرة الفجرة و الذين ما زالت اثار البسبوسه علي افواههم .. علي طبق الكفته .. في اهدار عنيف لكل القيم السكندرية .. و ضربوا بعرض الحائط كل المبادئ و الأعراف التي تمنع أكل الحادق بعد الحلو .. ، و طبعا لم يلتفتوا اطلاقا لدقات قلب قائدهم (اللي هو أنا) و التي تهاوت امام تهاوي اعداد الكفته في الطبق حتي ظلت "كفتاية" وحيدة هي التي خرجت منها في هذه الموقعة ..
و للأسف لقد حزت هذه الواقعة في نفسي كثيرا و تركت جرحا غائرا .. .. طبعا ليس حزنا علي الكفته التي تبخرت .. اطلاااقا .. و لكن .. حزني كله سببه خيانة القيم السكندرية من أجل ماذا ؟؟؟ .. مجرد طبق كفته لذيييذ رائحته قادرة علي فتح عكا ..
و الأكثر ايلاما في هذه الواقعة .. أن أحد اعز أصدقائي و اقربهم الي قلبي شارك فيها .. و قطعا لن اصرح ابدا باسم صديقي هذا .. ابدا ابدا ..