"رسائل غريبة "
الرسالة الأولى
درتى الغالية: أفيندار
انتابني هذا الصباح توق، وحنين إلى الماضي، إلى القرية، إلى صوت ماكينة الري، إلى جلجلة الأجراس المعلقة بأعناق الحمير، وهي تتبختر حاملة البرسيم الأخضر الطري على الطريق الزراعي الضيق، ورائحة الموالح تعطر الأنحاء، حنين إلى الأبواب المفتوحة على مصرعيها دون قلق فلا وجود للغرباء، ورائحة الشاي المغلي على الموقد، والسلام الملقى من الشفاة المبتسمة، بخيرٍ طبيعي لا تجميل فيه ولا تجمل، شغاف القلب امتلأ بحنينٍ قبضتُ عليه كوليد يقبض على الأشياء بلهف البحثِ عن السكينة داخل رحم الحياة، لذا قررت أن أراسلك اليوم وأبثُ لكِ أمنية فرت من أفكاري لترتسم عليها ملامحك الطيبة، أتمنى لو أننا جيران يفصلنا سور خشبي أو درجات سلم أو فقط بضع خطوات.
نقرأ معاً ونكتب قصص من بعض مشاعرنا، نحتسي القهوة على شرفة تكتسي بوشاح من الريحان، ويتدلل الياسمين على أطرافها، نصارع أوقات الحظر الطويلة بالسمر .
هي أحلام تصيغها روحي كرؤى، فأجد ابتسامتك الطيبة تطوف حولي.
أخرجني من مهب رياح حنيني صوت وصول رسالة من شخص مجهول اسمه الضوء، كتب في الرسالة
-من أنتِ؟
ابتسمت لها واسترعت انتباهي اليقظ بتلك اللحظة، وتذكرت رواية عالم صوفي هكذا بدأت تساؤلات صوفي، فتعجبت أي صدفة تلك، سؤال يبدو سهلاً لكن معلوماتي الشخصية واضحة جداً على صفحتي الالكترونية، لا أخفي شيئاً، هل أخفي؟؟
لا أظن أن المقصود من السؤال مجرد معلومات شخصية كالاسم والسن، يمكن المقصود هو السؤال عن صفاتي؟
ما أحب أو ما أريد في الوقت الحالي ويمكن السؤال عن ما أتمنى لغداً؟؟
حقاً من أنا؟ تحمل الإجابة الكثير من الردود والمناطق المتفاوتة بين ضعف وقوة بين مواجهة وهروب، حينما قرأت الرسالة مرة أخرى، رأيتها يمكن أن تبدو كساخرة، فمن أنا غير شخص هنا الآن وغداً لا وجود لي.
صديقتي، حار عقلي، كيف أجيب عن هذا السؤال لنفسي على الأقل وليس للمجهول هذا، الأمر محير للغاية، سؤال قصير يضعك فجأة أمام مرآتك لتحاول أن تعرف من أنت؟
لذا ولأنكِ دوماً شريكتي الصغيرة بتوارد الأفكار والمشاعر، قررت أن أترك طرف الخيط عندك، أن تضعي لي النقاط التي أرسم عليها بعض ملامح الإجابة، اكتبي لي إجابتك الشخصية عن السؤال ..من أنتِ؟؟
حالما تقرئي رسالتي سأحاول أن أرتب ما تبعثر داخلي بسبب تلك الرسالة، وأنتظر منك منارة ترشدني إلى بداية الطريق، لعل الإجابة تؤدى بنا إلى أمر جلل فنتغير أو نغير، ولنتفق معاً أن نحل لغز الضوء المجهول هذا الذي أهداني الحيرة من حيث لا أحتسب.
كوني بخير....
محبتي،
إمضاء؛
غريبة