رجعت للأوراق، وقرأت التقرير بتاع الطب الشرعي مرة تانية،
اللي كان وصف بوضوح إن بطن المجني عليه كانت مفتوحة بآلة حادة شبه معوجة،
لأن الشق في بطنه مش مستقيم، والآلة كانت شبه سكينة الفاكهه وبالتحديد الموز.
فضلت أكتب على الورقة كل المعلومات اللي لها علاقة بالقتيل لحد دلوقتي:
أمه، طليقته، ابن عمه، واللي مأجر منه دكان الفاكهة.
قلت لنفسي، كل واحد فيهم ممكن يكون عنده مصلحة في قتله،
واللي بيجمعهم كمان هو المحل، فده ممكن يكون مفتاح مهم، حتى أمه مينفعش استبعدها اتعودت كظابط شرطه مستبعدش حد
في الساعة 11 ، دخل عليا العسكري وقال لي:
"للأسف يا أفندم، الكاميرا اللي في المنطقة طلعت عطلانة، ومفيش غيرها في المنطقة اللي حصلت فيها الجريمة."
رميت القلم اللي في إيدي على المكتب بزهق، و قلت له :
"والتحريات عن القتيل كانت نتيجتها إيه؟"
بص في الورقة اللي في إيده وقال لي:
"العسكري محمد هو اللي سجل كل حاجة، ابن عم المجني عليه بيشتغل معاه من ساعة وفاة والده. ولما سألنا الجيران عنه، قالوا إنه كان دايمًا بيقطع في الشغل، ما بيظهرش في الحي إلا لو كان محتاج فلوس. والقتيل كان اتخانق معاه كذا مرة عشان موضوع الفلوس ده وأنه لازم يلتزم في الشغل اكتر "
بدأت أحس إن فيه حاجة مش مظبوطة، قلت له وأنا باحاول أكون مركز:
"عرفت عنوانه؟"
قال لي وهو بيبص في الورقة:
"أيوه، هو ساكن في نفس الحي بس في آخر الشارع."
كنت بحاول أرتب الأفكار في دماغي بسرعة، وقلت له:
"طب، روح لعنوانه بسرعة، وجيبهولي حالًا."
قال لي وهو ماشي :
"تمام يا أفندم."
وأنا بفكر في الكلام، قلت له بسرعة:
"استنى شوية، فيه مين تاني ليه علاقة بالمجني عليه غير ابن عمه؟ علشان لازم أحقق مع كل اللي ليهم علاقة بيه."
قال لي وهو بيشاور على الورقة:
"فيه تلاتة كمان. أولهم طليقته، الجيران قالوا إنها دايمًا بتعمل مشاكل علشان يديها فلوس، وما بتسكتش. واللي مأجر منه محل الفاكهة اتخانق معاه الأسبوع اللي فات علشان كان عايز يغلي الإيجار، وكانت خناقة كبيرة والناس اتلمت عليها."
وقفت شوية مستغرب، وقلت له:
"ومين التالت ده؟"
قال لي:
"دي ست ساكنة فوق المحل، ست أرملة وعايشة لوحدها. كانت بتتخانق معاه طول الوقت بسبب صوت ماكينة العصير، وعملت فيه بلاغ قبل كده علشان بيقفل المحل متأخر وهي مش قادرة ترتاح في بيتها."
هزيت دماغي وأنا باخد منه الأوراق، وقلت له بجدية:
"عايزك تجيبلي التلاتة دول حالًا. عايز أحقق معاهم."
بص لي وقال لي:
"تمام يا أفندم."
بعد ما مشي العسكري، لقيت موبايلي بيرن، كان اتصال من وكيل النيابة. رديت عليه بسرعة، وقلت:
"أيوه يا أفندم، معاك."
قال لي بلهجة حادة:
"عملت إيه في القضية؟ مفيش أي جديد؟"
رديت باهتمام وقولت:
"فيه تلات مشتبه فيهم يا أفندم، وهستدعيهم علشان أحقق معاهم."
قال لي بجدية أكتر:
"بسرعة، مش عايزين القضية تفضل مفتوحة كتير
قلت له :
"حاضر يا أفندم، متقلقش. إن شاء الله هحلها في خلال 24 ساعة
بعد نص ساعة تقريبًا،
كنت لسه قاعد على المكتب براجع شوية أوراق من التحقيق، لما فجأة سمعت صوت عياط عالي وزعيق جاي من برة.
فمديت إيدي على طول ورنيت على العسكري اللي واقف عند الباب
دخل بسرعة، وقال بنبرة مرتبكة:
ـ أم القتيل وابن عمه جم يا أفندم، ونازلين عياط هما الاتنين.
نظرت له بثبات وقلت:
ـ دخّل ابن عمه الأول، وخلي الأم تستنى برة شوية، مش دلوقتي وقت المواجهة دي.
هز راسه ومشي، وبعد ثواني دخل شاب طويل، بشرته سمراء، باين عليه التعب والانهيار. عيونه حمراء من كتر البكا، وكان بيحاول يمسك نفسه بالعافية.
شاورتله يقعد على الكرسي اللي قدامي، وقلت له بنبرة هادية:
ـ البقاء لله، بس محتاجين مساعدتك علشان نعرف مين عمل كده.