لاشك في أن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، تحظى بقوة فاعلة في توثيق السلوكيات والتعامل بين أفراد المجتمع بعضه بعضًا، وبين أفراده ومؤسساته، لنجدها عاملًا إيجابيًا في بعض الحالات، وأحيانًا سلبيّا في النيل من بعض الشخصيات العامة، وذلك عبر نشر مقاطع الفيديو والوقائع، ما هو حقيقي منها وما هو شائعات.
فمثلًا تمت إحالة مدير إحدى المدارس بالبحيرة، إلى المحكمة التأديبية، لِما قام به من اعتداء على طالبة بالمدرسة، وكان ذلك بسبب انتشار مقطع فيديو يوثق الواقعة، وفي هذه الحالة جرت الاحداث بشكلٍ صائب وإيجابي، حيث تم تحويل الأمر إلى جهات التحقيق، ليتخذ القانون مجراه ويحصل كل من الأطراف على حقه أو عقوبته.
لكن هناك أيضًا الكثير من الحملات ببلاط مواقع التواصل الاجتماعي، عبر الفيديوهات أو الصور، تكون فيها المزايدات والإضافات والتسخين على أشُدها، بما يجعل الحقيقة تائهة والوقائع غائبة، رغم وجود فيديو يوثق الواقعة.
ولقد تابعنا الحملة شديدة الضراوة، ضد الأستاذ الدكتور مبروك عطية، بسبب استضافته لأحد المغنيين، والاستماع إليه في قراءة آيات من القرآن الكريم،
وقامت حملة شرسة، اختلط فيها خبر صحيح -وهو إحالته للتحقيق بالجامعة- مع الإضافات "الواجبة" من الناشرين بأنه أخذ عقوبات وشطب من سجلات الشرف -مما هو غير صحيح- وغير ذلك من المزايدات التي اشتعلت بها منصات التواصل، مما أظهرت البغضاء التي في صدور بعض الناشرين وتصفية الحسابات أو الاغتيال المعنوي للرجل.
كما تابعنا أيضا فيديو رجل الأمن السعودي والمرأة التي تريد السير في منطقة ما، فمنعها من الدخول إليها، وما حدث من الصفع المتبادل بينهما، وكيف هي التعليقات التي انتشرت، لتحكم على رجل الأمن بل وعلى كل العملية الأمنية السعودية بالحرم، بأحكام لا يمكن إطلاقها إلا بعد تحقيقات وسماع شهود ومعرفة ملابسات.
في الحقيقة، إن سطوة مواقع التواصل الاجتماعي التي نحن فيها هي سلاح ذو حدين، ولن يضبط الأداء فيها إلا وعي المستخدمين، الناشرين والمتابعين ممن يشعلوا نيران الحملات المسعورة أحيانًا ضد البعض من المشاهير أو المؤسسات أو حتى الدول.
علينا قبل أن نتلقف الخبر المنشور أن نُعمِل عقولنا، وأن نتوقع الأهداف الغير معلنة للفيديوهات، وأن يكون لدينا ثوابت تتمثل في ضرورة التحقق من المعلومات، ولابد من التعرف على التفاصيل والملابسات، ووجوب انتظار جهات التحقيق التي لها أدوات التحقق والتأكد مما هو قبل الفيديو وما بعده، ومما ليس لدينا نحن القراء والمتابعين، كل ذلك قبل إصدار الأحكام أو المساهمة في تأجيج الحملات الإعلامية ضد من نراهم عبر الفيديوهات دونما معلومات، وقبل أن نصيب البعض بجهالات، فنُصبح على ما فعلنا نادمين.