نسمع كثيرا بين الفينةِ و الأخرى من يتضجر هنا أو يسيء هناك, ومن يزايد أحيانًا في وصف البعض من الشعب المصري بشكل لا يليق, من أن هذا شعب لا يبحث إلا عن ذاته ونفسه ومصالحه الشخصية المطلقة, أو أنه لا ينظر كثيرًا إلى الصالح العام ولا إلى من يجاوره من الناس الذين يعانون و يتألمون, و في ضيقهم يتألمون.
و كنا كثيرًا ما نحاول أن نشرح للناس ونوضح, بأن ما ترونه ليس جوهرًا للشعب المصري وليس حقيقةً لمكنونات هذا الشعب الذي نرى فيه الأمل دومًا لا ينقطع, والخير منه مستمرٌ لا يتوقف.
وأنه لا يجب إذا سمعنا أو رأينا أحداثًا هنا أو هناك, أن يصرخ بها البعض قائلين "مفيش فايدة" أو أن يهول البعضُ الحدثَ العابرَ على أنه أضحى أساسٌ في التعاملِ بين الناس في سلوكياتهم اليومية التي يرصدونها كثيرًا, مُركّزين دوما على المثالب لا الميزات, و معظمين من المساويء لا الإيجابيات.
وها هي بالأمس طلعت علينا إشراقة قصص البطولات المصرية الجميلة, التي لا نراها إلا من هذا الشعبِ الأصيل, مما رأيناه في الكثير من الفيديوهات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي, فهذه مجموعة من الشباب تنشر رقم الموبايل وتعلن بأن لديها سيارات دفع رباعي, جاهزين تطوعًا لمساعدة أي سيارة متعطلة بسبب الأمطار,
و هؤلاء رجالٌ يساعدون في الأمطار من يحتاج للمساعدة من السائرين لا يجدون من يساعدهم, و ألتفِتُ لأجدُ جمعياتٍ خيرية تفتح أبوابها لأي مسافرٍ انقطعت به السبل يستضيفونه حتى يغادر, وفي السوق ذهبت لأشتري شموعا لأرى من يقول للآخر خذ هذه الشمعة لأنك لن تجد على الأرففِ من الشموع شيئاً لأنها نفدت, وهناك من يوزع المواد والاحتياجات العينية غير عابئين بالإعصار, وغير ذلك كثير.
هذه الملحمة المصرية الجميلة التي تنطق بكل قوة وصدق, معلنةً بأننا شعب تتجذر فيه الأصالة وحب الخير للغير, وأن شعبنا كيانٌ متلاحمٌ من القيم والأخلاقيات الدفينة المغروسة في عمق وجدانه, التي قد تخفت أحيانا مع سير الحياة, إلا أنها بتجذرها المتماسك تظل قوية وثابتة, تُنبت كل حينٍ لتأتي بالترابط والتعاون والإثمار.
نحتاج دوما إلى أن لانتسرع في أحكامنا العامة على شعبنا الأصيل, ونتوق أيضا إلى وجود منصفين ينظرون إلى الأحداث السلبية دون تهويل, وإلى من يقدم الخصال الحسنة -وهي كثيرة في هذا الشعب الطيب- بمصداقية وموضوعية, مما يحتاج إلى إعلامٍ وطني ينشر هذه الحقيقة للناس, كي يستشعروا عظمة ما بهم من صفات.
وإلى شعب مصر أقول: لِتفخر أيها الشعب المصري بهذه الصفات الحميدة الراقية والواعية, ولنسعد جميعنا بما نراه من أنفسنا في الشدائد و الأزمات, ما يجعلنا نثق في غدٍ مشرق, إضافة إلى هذا الحاضر المثمر الذي نستمده من ماضينا الطيب العريق.