يعيب الناس كثيرًا ويلومون على من ينادي بقبول النقد والرأي الآخر, بأنه كثيرًا ما لا يتسع صدره برحابة إلى النقد والرأي الآخر المختلف معه, وكم سمعت انتقادات كثيرة لمن يدعو لوجوب قبول النقد بقولهم: هذا لا يتحمل نقدأ فلماذا يدعو لقبول النقد وهو عن ذلك بعيد, ؟
واقتربت قليلًا لأتعرف على الحالة التي يعيبون فيها عليه, لأجد حالة من الإساءة التي لا تعبر عن حوار ولا عن طرح رأي ينتقِد بشكل مقبول, بل وجدت مجموعة من الإساءات والتجريح والتعدي على الشخص ومن هم تحت ولايته أحيانا, تحت عنوان النقد والانتقاد,,!!
ورأيت أيضا رأيًا مخالفًا لشخص ما, يتهم فيه الناقد هذا الشخص اتهامات في ذمته المالية أو نزاهته في عمله العام الذي يقوم به تحت مدعاة النقد ووجوب الانصات للرأي الآخر,,!!
وتارة أخرى أجد طرح النقد والرأي المخالف بصياغة بها سخرية واستهزاء لمن يقع تحت النقد سواءًا في شخصه أو فعله أو قوله, باعتبار أن النقد متاح, ,,!!
وهناك من يرى أن النقد وطرح الراي المخالف له طريق واحد, وهو التشهير بذات الشخص الذي ننتقده, فيسهب في نشر تفاصيل خاصة عمن ننتقده تصل أحيانا إلى حالته الاجتماعية وشيء من سيرته الخاصة لإخضاعه إلى سماع النقد وبهدف انصياعه لرؤية الناقد أيا كان هذا النقد والرأي المخالف,,!!
ولا يخفى علينا خطورة بعض من أنواع النقد الذي يكون لتحقيق أهداف موجهة من جهات ما, كمن يستخدم النقد للوصول إلى أغراض تستهدف استقرار الوطن بأكمله أحيانا, عن طريق بث الإدعاءات والأكاذيب مما يستدعي إثارة الناس وبلبلة الرأي العام, تحت مظلة النقد أو طرح الرأي المخالف, وهي أكاذيب تفتقر للمصداقية, ويمررونها على أنها النقد الذي إليه نحتاج.
ولاشك في أن مجتمعاتنا العربية ومنها مجتمعنا المصري في أشد الحاجة إلى النقد وطرح الرأي الآخر المختلف, ليدقق ما يجري في ساحات الإدارة أو العمل العام أو غير ذلك, حيث أن النقد هو السبيل الوحيد للتطوير والتنمية المجتمعية والإدارية والفكرية والثقافية, ولأن الرأي الآخر يطور الأداء وهو دوما يثري المسير.
إلا أنه وبرغم احتياجنا الشديد للرأي الآخر, وتعطشنا للنقد الذي يهدف إلى المضي قُدُمًا للأمام خطوات, فإن النقد السلبي وطرح الرأي بشكل تلوثه خصائص سلبية من إساءة وتعدي, أو اتهام دون أدلة قانونية أو استهزاء وسخرية أو افتراءات وأكاذيب هو نقد يضر أشد الإضرار بكل ما هو جميل على وجه المجتمع والناس.
وعلى مجتمعنا أن يفرق بين النقد السوي الصحيح الذي يعبر عن الرأي الآخر, والنقد الذي يخرج عن كونه نقدًا, لانزلاق الناقد إلى مثالبٍ تحتاج إلى ساحات المحاكم أو الجلسات العرفية, ولا يجب أن نلوم من وقع تحت هذا النقد السلبي لنضغط عليه بقبوله.
وكما ندعوا دوما إلى قبول النقد, ندعوا أيضا إلى أن يكون هذا النقد مطروحًا بأساليب صحيحة وصياغات تحترم الآخر الذي ننتقدَه دونما إساءة أو تجريح أو اتهام دون دليل أو سخرية واستهزاء.