يُحبَط الكثيرون حين يبذلون الجهد والتعب، ويكابدون المصاعب في السعي والعمل للوصول إلى الأهداف والنتائج التي يعملون من أجلها، ثم ها هم لا يجدون مما عملوا من أجله شيئًا.
ويُحبَط هؤلاء أكثر، حين يرَوا الكثيرين ممن لا يعملون بجهدٍ مثلهم، ثم يحصلون على النتائج ويحصدون النجاحات والفوز دون اجتهاد كبير.
ولو تعمقنا في العلاقة بين الأسباب والنتائج، بين العمل والنجاحات، لعلمنا أننا نخلط بين الأمرين، ونعتقد بحتمية الربط بين الأسباب والنتائج كأمر مسلم به، وذلك نتاج الموروث التعليمي من مقولات "من ذاكر نجح"، "ومن زرع حصد"، كمسلماتٍ يتوجب الوصول إليها بمجرد المضي قدمًا في السعي والعمل، في حين أن ذلك ليس بدَقيق.
إذ أن هناك الكثير مما نشاهده في الدنيا، ما يثبت أن تلك القواعد لها شواذ متعددة ومتنوعة وكثيرة، وهناك الكثير مِمَن سعي وعمل بجهد، ولم يحصد النتائج التي تعادل هذا السعي أو العمل، والعكس أيضًا صحيح.
وفك الاشتباك فيما أعتقد، يكمن في أن نؤمن بأن السعي والعمل هو درب من دروب العبادة وحسب، نقدمها لربنا كما نُقدِم له الصلاة والعبادات، والتي بدورها ليست عنصرًا مباشرًا من عناصر الوصول للنجاح أو النتائج المرجوة بالحياة، بل هي أصلًا للعبادة، وكذلك العمل يجب أن نقوم به كعبادة نؤديها لربنا بجودة وإتقان، لأن الرقيب عليها هو العليم الخبير.
وهنا، يقفز في الأذهان سؤالًا منطقيًا، إذًا وكيف نصل إلى النتائج،؟ وتكون الإجابة بأن النتائج تتوقف على عاملين أساسيين وهما، "العمل" و"التوفيق من الله"، وهما لا ينفكان عن بعضهما أبدًا، وبأن النتائج تأتي من عند الله وليست حتمية مع السعي والعمل، حيث أننا شاهدنا الكثيرين ممن يعملون ثم لا يجدون مقابل ذلك، وأيضًا هناك من لا يعمل بقدر النتائج العالية التي يصل إليها، مما يُثبت أن السعي ليس حتمًا يؤدي للنتائج.
و حين نعلم ذلك، فلن نُحبَط حين نرى مَن هو أقل منا عملًا ويحصد النتائج الهائلة، وأيضًا نطمئن إلى أن نستمر في العمل لأن نتيجته ستكون لنا كعبادة، حتى لو لم نحصل منه على النتائج التي نصبو إليها.
ويأتي هنا سؤالٌ آخر، وهو هل من حصدوا نتائج ولم يقوموا بالعمل المتقن مقابلها، هل هم كاسبون ،؟ وتكون الإجابة الحتمية بالطبع لا، لأنهم سوف يُحاسَبون على عدم تقديم الجهد الواجب والمتقن في العمل، حيث أن العمل في أصله عبادة.
ومن هنا نصل إلى قناعة، بأن العمل ليس لجلب النتائج فقط، بل هو عمل نقدمه لله، ويظل التوفيق -الذي من عند الله- يتكامل مع العمل، ليأتينا الله بالنتائج بالشكل الذي نرجوه ونرضاه،
وبهذه المفاهيم، لا نُحبَط من عدم الوصول للنتائج بعد العمل، ولا نيأس أيضًا، حين نرى من يحصل على النتائج بدون عملٍ يناسبها.