كلما يشرق صباح , , أو يأتي مساء , , أشعر بان كما هائلا من الجمل و العبارات و الحوارات و المكلمات و المكالمات للاخوة المتكلمين و المتكلمات , , قد قمنا بتقديمه عبر الهواء كي يكتب التاريخ عنا أننا قدمنا لمصر الكلام و النقاش و الحوار و الشد و الجذب و الصدق و الكذب , , كله كباقةٍ في زمن الثورة نعترف فيها بإجادتنا للكلام و النقاش.
لا تظن أخي القارئ الكريم أنني أضيق ذرعا بالحوار أو النقاش , , فلقد عشت أدعو للحوار و الأطروحات و الإختلاف الذي أراه يبني و يطور قواعد التواصل بين الجميع , , و لا سبيل للنجاح إلا بالحوار.
إلا انه كلما مد الله بيَ العمر لمساء يوم جديد , كلما شعرت بخوف على بلدي مصر , , حين أتابع الحوارات و النقاشات المطولة و العميقة و الشديدة المراس بين الفرقاء في الحدث الواحد و الموضوع الواحد , , كما لو أنه على كل طرف أن يجبر الآخر باعتناق فكرته و رأيه في المسألة المطروحة , , !!!!
و كمثال , , لا ادري كيف نستمر في الحوار الكثيف حول حادثة , أراها لا تعدو مشكلة حدثت بين زوج و زوجته احدهما تحول مرتدا إلى دين آخر , , ثم تبع ذلك استنجاد من طرف بطرف أو بمن يعرفه الطرف الآخر , , و استخدمتها أطراف متربصة و نفخت فيها لتحدث واقعة كبيرة جدا في إمبابة , بحريق في أحد دور العبادة التي يجب علينا تأمينها و حمايتها في مصر, ؟؟
و انغماسنا حتى الثمالة الحوارية فيها و هي التي كان يجب أن نسلمها بسلاسة للنيابة العامة و من ثم القضاء ليجري عليها مواد قانون يجب على الجميع الإذعان له دون تفرقة.
لا أختلف مع أحد في وجوب أن نناقش و نتحاور في أصول أي مشكلة و أي مسألة , و بحرية إعلامية لا نهائية , , لكن الذي احترق من أجله هو , ,
تركنا المهمات التي يضيع الاهتمام بها على المستوى المجتمعي , في طيات اهتمامنا غير المتناهي بتلك الأحداث اليومية في " المكلمات " المسائية و الكتابات الصباحية , , التي تشدنا و تجمدنا أمام الشاشات و الصحف في نسيان تام "أو شبه " لموضوعات استراتيجية تحتاجها مصرنا الحبيبة , مثل ملف الإقتصاد و دفع الإنتاج و بذل الجهود لزيادة الناتج المحلي و فتح الأسواق للتصدير و رفع كفاءة هذا الإنتاج , , أيضا ملف الاستعداد التوعوي السياسي و إعداد الأحزاب لخوض الانتخابات و تهيئة الناخبين و تثقيفهم في ملف الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية - و هي الوظيفة الأساسية للفترة الانتقالية التي نحن فيها - و من قبل كل هذا كيفية التعاون المجتمعي بحلول إبداعية نصل بها إلى الأمن و الاستقرار , , و تنمية السياحة و رفع كفاءة العاملين في مجالها , و ملفات البحث العلمي و التطبيقي و كذلك ملف التعليم و رفع مستوى الخريجين.
إلى غير ذلك من الملفات التي أراها قد تاهت في خضم النقاشات و الحوارات المتركزة حول حدث بعينه " كلما حدث " أرى فيه أهمية نقاش , لكن دون أن يلفتنا هذا النقاش عن المهمات التي علينا القيام بها في حوارٍ مجتمعي عميق , ,
علينا ان لا نكون مجرد رد فعل للحدث و حسب , , بل يجب ان نخترق جدر الصمت في المهمات الهامة, , من أجل غد مشرقٍ نعمل من أجله جميعا في مصر.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
أشرف الكرم
مهندس معماري استشاري