لا أدري على أي أساس قررت بعض الأسر أن تسافر إلى المحافظات لزيارة عائلاتها هناك, وهي الأسر المستقرة في مساكن بمناطق القاهرة الكبرى والإسكندرية, لتجمَع الهدايا والزيارات في عبءٍ فوق أعباء الحياة بظروفها الحالية, وما نعانيه كمجتمع من أضرار الوباء المنتشر منذ شهور, والذي أصبح الجميع على علم وفهم بخطورته البالغة,,
وبالرغم من ذلك نرى رب أسرة يقرر السفر لمحافظته الأصلية التي جاء منها, تحت دعاوى رؤية ذويه هناك ممن لم يرهم منذ شهور.
ولا يخفى على أحد أن مثل تلك السفريات ستشمل لقاءات عائلية موسعة, لن يكون فيها أي من الاحتياطات الوقائية ولا أي اتباع للتعليمات الصحية التي بُح صوت الإجهزة الحكومية والوسائل الإعلامية بها طوال الأسابيع الماضية بشكل لا يستطيع أحد أن يلقي باللوم على أي منها,
ورغم كل ذلك ورغم متابعتنا الحثيثة لتطور انتشار الوباء, وبالأعداد الصارخة التي كانت ولاتزال تنبئ بموقف شديد الخطورة, إلا أنهم قرروا السفر دون النظر إلى أي مصالح عليا للوطن, أو للمجتمع, أو لذويهم من الأقارب الذين سيكونون هم عوامل مساعدة في منع التباعد الاجتماعي بينهم, لضرورة تواجدهم بين القادمين للزيارة بضغط القوة الاجتماعية السلبية و النافذة.
ولقد لاحظت بأن الأعداد قد تضاعفت تقريبا من حيث عدد الإصابات في فترة العشرة أيام التي كانت فيها تلك السفريات على أشدها وهي الفترة من 20 مايو الحالي وإلى الأمس 29 مايو, إذ أن أعداد الإصابة كانت في 20 مايو 745 حالة إصابة, في حين وصلت في 29 مايو إلى 1289 حالة إصابة, بخلاف عدد الوفيات الذي ارتفع أيضا,
وبالطبع توجد عوامل أخرى ساعدت على تزايد انتشار الوباء بل تفشيه بالشكل الذي نرى, لكن حين نرى هذا الكم من اللامبالاة عند البعض ممن لا يعنيهم إلا متعتهم الشخصية في رؤية ذويهم ومجالسة محبيهم وأقربائهم, نشعر حينها بكم القبح الذي عند البعض ممن يُسقطون حق المجتمع عليهم في المحافظة الجماعية على كل من حولهم, ونستشعر تدني مشاعر الانتماء لهذا المجتمع عندهم, حين لا يبالون بمصلحة المجموع عندما تتعارض مع مصالحهم الضيقة.
وإنني لأدعو إلى التباعد الصارم عن هؤلاء الذين لا يكترثون بمصالح الناس, تباعدًا مجتمعيا يعالج هذه الظاهرة المقيتة من لامبالاة البعض بمصالح العموم دون اهتمام, ممن سافروا واختلطوا بغيرهم متزاحمين.
إن ممارساتٍ فجة, كالتي مارسها البعض ممن ارتحلوا الى المحافظات, ممن لهم إقامة مستقرة بالمدن الكبرى, ضاربين عرض الحائط بكل ما توجههم إليه الحكومة بالتزام البيوت, وما يوجههم إليه الإعلام من ضرورة التعاون مع الغير في وأد هذا الوباء أو محاصرته, لهي ممارسات تضر بالمجتمع أشد الإضرار, وهي حالة متدنية تجاه الحس الوطني والمشاعر المجتمعية الجمعية, وهم يستحقون بأن نتعامل معهم نظاميًا بشكل أقوى وأقسى بل وأنكى.