تنهال علينا بين الحين والآخر, أصواتٌ تصيح و أبواقٌ تثرثر عن تداعياتٍ لأحداثٍ ستحدث, يحددون لها تاريخاً محددًا, وتتوالى تلك الأبواق في قنواتٍ مأجورة ومعروفة, تتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور, وأنه سيكون وسيحدث.
ولا تمل تلك المنصات المعروفة لنا جميعا ولا تكل عن بث مثل هذه الأحداث التي تعبر عن أمنياتهم التي يتمنون فيها حرق الوطن وإشعال الفتن فيه بالتخويف تارة وببث الرعب في نفوس البسطاء من شعبنا المصري الطيب تارةً أخرى, والذي لا يلبث إلا أن يخاف على بلده ووطنه من تداعيات مثل تلك المؤامرات التي تحاك ليل نهار عبر تلك القنوات والمنصات.
ولا جدال في أن خوف شعب مصر على وطنه هو حق أصيل لهذا الشعب القوي العفيّ, الذي يتصور للحظات بأن مثل تلك المؤامرات يمكن أن تنال من استقرارنا وأمننا وأماننا في مصر,
إلا أنه وفي ذات الوقت, نحتاج من هذا الشعب الأبيّ, أن يرتقي بوعيه أيضا, وأن يتأكد في عمق تفكيره بأن هذا البلد في أيدٍ أمينة, قد حباها الله القوة والإرادة والرؤية, وأن يثق فيها كل الثقة, وأن يعلم بأن مثل تلك المحاولات المتتالية والبالية لن تبوء إلا إلى فشل في كل مرة, وتنكشف بها عورات من يحاولون زعزعة الأمن والاستقرار في وطننا مصر.
وعلى المحور الآخر, والذي لا يقل أهمية عن وجوب ترسيخ الثقة في إدارةالحكم بمصر, هو وجوب أن يعي شعبنا بأهمية الخطوات التي تخطوها إدارة الحكم, ممثلة في الحكومة المصرية بشتى وزاراتها, حيث أنها تعمل على بناء وتنمية هذا الوطن, وأن الإجراءات التي تتبعها هذه الإدارة هي على المدى البعيد تمثل رؤية في تطوير مصرنا في شتى المحاور التي تقوم عليها مقومات أي وطن.
وقد تكون -في بعض الأحيان- هذه العلاجات بها من الشدة ما بها, وقد نراها على المدى القريب صعبة, إلا أن الوعي المطلوب نشره ويجب تفهّمه, هو أن تلك الإجراءات ستؤتي ثمارها بعد وقت لن يكون طويلًا, وأن أجيالًا ستأتي سيكون لها حظًا جيدًا من تلك الإجراءات والخطوات التي أراها واجبة التنفيذ حاليًا, وأن مثل تلك الخطوات التنموية كان يجب أن تتم منذ عقودٍ مضت,
فعلى سبيل المثال حين كنا في الجامعة منذ عقود, كان يدرّس لنا اساتذتنا في التخطيط العمراني حينها بأن علينا نقل العاصمة وعمل "المدن التابعة" حولها, ومد خطوط المواصلات السريعة بينها والعاصمة الجديدة, مما يخلق توسعا أفقيًا و تخفيفًا للضغط على العاصمة القديمة التي ستكون تاريخية, وهذا له فاتورته الاجتماعية التي سيشعر بها شعب مصر ولاشك, إلا أنه سيجني ثمارها قريبًا بكل خير بإذن الله.
وقِس على ذلك كل الخطوات مما له تبِعاتٍ إقتصادية تحتاج لوعي وإدراك من الشعب المصري كي يقف مع قيادته مصرًا على إتمام المسير فيما نحتاج إليه الوطن, ومن اصطفاف الشعب مع إدارته في تحقيق التطلعات التنموية التي تتواكب مع الأسس العلمية التخطيطية كما هو يحدث.
إن مؤامرات البعض ممن يعملون ليل نهار, في الداخل والخارج ضد هذا الوطن, لحري بنا كشعب أن نكون على درجة وعي عام عالي بخطورتها, وأن نرد عليها بمزيدٍ من التكاتف والإصرار على استكمال العمل وفق الخطط التي تتم على أرض مصر اليوم في هذا الزمان.