الجاسوسية، وواجب الشعوب
========
لم أندهش كثيرًا من الضربات الموجعة التي تلقتها طهران في الصف الأول من قياداتها، والتي طالت أكبر القادة لدى ايران، وبشكلٍ متزامنٍ كما لو لم يكن هؤلاء القادة عليهم أي حراسات أمنية، أو مراقبات استخباراتية أو حتى اكتراث أمني ذاتي من هؤلاء القادة الإيرانيين، الذين أُخِذوا على غرة بشكل لم يتوقعه الكثيرون.
وأما عن سبب عدم دهشتي، فلأن هذا السيناريو قد اندهشت به منذ شهور، وتكرر ليشكل خطوة متكررة في العقلية القتالية بالاعتداءات التي تقودها دولة الكيان، مما لا يحتاج معه إلى أي اندهاش بسبب تكراره،
حيث أننا تابعنا نفس المشهد بنفس الخطوات في استهداف "هنية" على أرض إيران، وفي مقر اقامته من خلال عملية جاسوسية كبيرة، ومن بعدها استهداف قادة حزب الله اللبناني، وفي مقدمتهم الأمين العام للحزب والقادة الكبار الذين معه، في مشهد هزلي ينم على الاختراق المرير في صفوف الحزب من أعضائه ذاتهم، يوشون بالمعلومات ويقدمون الأهداف للعدو سهلة وميسورة.
ولاشك في أننا نلوم الدولة اللبنانية أو الإيرانية، في ضعف المراقبة والمتابعة الاستخباراتيه داخل أراضيها، فهي مسئولية الدولة في المقام الأول من خلال أجهزتها الاستخباراتية، ونلوم تلك الدول في ضعف مؤسساتها داخليًا وفي ضعف أذرعها خارجيًا، والتي كان يجب أن تُوقِع تلك الشبكات قبل الاختراق الداخلي وتمنع الجاسوسية، قبل أن تصل منهم معلومات إلى الدول المعادية.
لكن الذي حدث هو الاختراق السهل اليسير، دون أدني مقاومة ولا أي ملاحقة لعناصر تلك الشبكات الجاسوسية، ولو كانت الملاحقة متوفرة، لكانت النتائج على الأرض في هذه المعركة مع دولة الكيان مختلفة.
وقد يقول قائل: أن سبب انتشار تلك الشبكات الجاسوسية بسهولة في إيران وأذرعها في لبنان وغيرها يعود لسبب قلة الانتماء، وهنا نرد بأن الانتماء ثقافة يجب ان تُنشر منذ الصغر في عقول الأبناء بحيث تكبر معهم على مر السنين، دون أن تتزعزع تحت ضغوط العِوَز والفقر أو كراهيه النظام -فالوطن شيء مختلف- وهو ليس النظام الحاكم، وهنا تكون المسئوليةأيضًا على كاهل الدولة.
واؤكد على أن هناك واجبٌ على كل وطني مخلص من شعوبنا العربية، يجب عليه أن يقوم به قبل أن تحدث الكوارث السلبية بسبب وجود هؤلاء الخونة من العملاء والجواسيس، هذا الواجب يتمثل في أن ينتبه كل منا إلى مَن يجاورونا على أرض الوطن، ويحاول أن يتعرف عليهم وعلى وظائفهم ومصادر الرزق وكذلك التوجهات السياسية لكل مواطن أو لاجئ يعيش على أرض الوطن من حوله، هذا الواجب لا يقل أبدًا عن واجب الدولة في الكشف المستمر عن هؤلاء المرتزقة الذين يكرهون أوطانهم فيقدمونها فريسة سهلة لكل معتدي أو متآمر على أرض الوطن.