لا يخفى على أحد, بأن الحالة النقاشية والحِوارية الدائرة في معظم أوطاننا العربية الحبيبه في العالم الواقعي, وأيضا الافتراضي علي الشبكه المعلوماتيه العالميه هي في حاله محتده ورافضه للآخر المختلف بشكل كبير, وأخص بالذكر هذه الحالة الحِوارية التي في مصرنا الحبيبة.
مما جعل الحاجه الي التدبر في هذه الحاله أمر أكثر من مهم, والمتابع لتلك النقاشات والحوارات, يكتشف بكل سهوله سلببياتنا في التعاطي مع الآخريين خلال الحوارات , وذلك من خلال سير النقاشات أو من واقع النتايج المتراجعه التي نصل اليها بعد الحوار وانتهائه بفرقة أو نفور,
كل هذا يستدعي مسؤليتنا في تحليل هذا الواقع ومحاوله التوصل إلي حلول ليست فقط نظريه كالتي نتناقلها جميعا دون التوصل إلي كيفية تطبيقها ,, مثل عبارات " الاختلاف لا يفسد للود قضيه " أو جملة " رأيي يحتمل الخطأ " إلي غير ذلك من التنظير الذي يدغدغ المشاعر دون أن يصل إلي سبل تطبيق عملية تنعكس علي حوارتنا في شيئ , رغم أنه تنظير صحيح ولاشك.
من تلك النقطه ,, حاولت تلمُّس الواقع بشكل تطبيقي عملي في محور النقاش بين المختلفين وقمنا في ذات يومٍ بإنشاء صفحه نقاشيه علي موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " , في محاوله للتوصل إلي الأسباب الحقيقيه في التعامل النقاشي الحاد بيننا كمتحاورين, من خلال الرصد الواقعي تطبيقًا فعليًا بين المتحاورين.
ولقد وجدت أن التصادم الفكري بين المتناقشين له أسباب واضحه جدًا في سوء اختيار عباراتهم وجملهم الحِوارية, وهي التي تؤدي دومًا إلي اشتباك أفكارهم وتصادمها, لا تكاملها أو توازيها, مما يؤدي إلي النفور والتحامل , ومن ثم التحول عن نقد الفكرة إلي نقد المفكر , وعن مناقشه الإداء إلي تقزيم المؤدي , وعن التعامل مع الكتابه إلي التصارع مع الكاتب.
ولاحظت أن جمله من الأسباب نقع فيها أثناء النقاش المختلف مع فكره الآخر تؤدي إلى فشل نتائج الحوارات منها :
1- الإصرار علي إقناع الآخر بالفكره المطروحه والمختلفه عن فكرته دون الاكتفاء بطرحها.
2- عدم توحيد المصطلحات المتعلقه بموضوع النقاش فيتكلم كل منا في واد مختلف عن معنى نفس المصطلح لدي الآخر.
3- افتراض المحاور أنه علي صواب فينتقل هذا الشعور إلي الآخر بأنه يفرض احتكار الحقيقه ويبدأ بينهما الاستفزاز.
4- الانزلاق إلي التعامل مع المفكر وليس الفكره , ومع الكاتب وليس الكتابه , مما يوقعا في الشخصنة.
5- الفوقيه التي يتصف بها بعضنا أثناء الحوار مع الآخر مما يجعله يغلق قلبه وعقله عن تقبل النقد والناقد.
6- محاوله المحاور منع الآخر عن استكمال طرح فكرته التي تخالفه رغم أن الواجب تشجيع الجميع علي استكمال التعبير.
وفي المجمل أستطيع أن أوصي بطريقه حوار , أود أن أسميها الأطروحات المتوازيه.
وأعتبرها هي السبيل التطبيقي العملي الذي يمكن أن نخرج به من المشهد المأزوم في العصبيه النقاشيه والاشتباك الفكري بين المتحاوريين.
وهي بمعنى أن يطرح كل من المتناقشين فكرته بتركيز شديد عليها, دون الولوج إلي التقليل من الفكره المقابله التي يريد أن يناقشها أو الدخول في إثبات خطئها, وأن نكتفي بطرح أفكارنا وفقط, دون التعامل مع فكرة الآخر بشكل مباشر, باعتبار أن طرح فكرتنا المختلفه عن أطروحة الآخر هي في حد ذاتها نقاش لفكرته دون الحاجه إلى مهاجمه فكرة الآخر,
لتكون تلك الطريقه " الاطروحات المتوازيه " بدايه لإمكانيه بناء حوار يستمر ويثمر بنتائج جيده يحكم عليها القارئ المتابع للحوارات , وبها يمكن أن تتطور الحوارات بشكل أفضل مستقبلا.
أعلم أن هذا ليس سهلا وأن وقتًا ما نحتاجه للتدريب علي أن نطرح الفكره المتوازيه التي لا تهاجم فكره الآخر بقدر ماهي توضِّح نفسها بالشرح لإفاده القارئ.
هو ليس سهلا , نعم, لكننا مع الوقت والتفكر سنصل لذلك إن شاء الله.