تابعنا جميعا الفيديوهات التي ملأت منصات التواصل الاجتماعي والتي أضحكت كثيرين وتناقلها البعض باعتبارها مادة من المواد الترفيهية أو الكوميدية التي تدعو للضحك، مع بعض التعليقات خفيفة الظل عن أحداث نقل تلك الماشية "الأبقار" والتي يتم التضحيه بها في عيد الأضحى المبارك، والتي يتم نقلها بطرق هزلية دعت الكثيرين إلى السخرية والضحك.
وفي الحقيقه تابعت تلك الفيديوهات وأنا حزين غير مبتسم إطلاقًا، حيث كنت قد تلقيت اتصالًا من أحد الأصدقاء، الذي أخبرني بأنه كان يسير في الشارع بأمان الله، وفجأة استفاق ليجد نفسه في مستشفى خاص بمدينه العبور، حيث أن ثورًا هائجًا ضربه من الخلف، ليقع على وجهه ويصاب في خده الأيمن بجروح غائرة تستوجب الخياطة الطبية، وكذلك الكسور المضاعفة في ذراعه، لينقلب العيد لديه إلى مستشفيات ومتابعات طبية وتكاليف مالية باهظة،
وبالطبع لم يرجع له أحدٌ ممن كانوا يطاردون "الثور الهائج" ليطمئن عليه، والذي فقد وعيه مغشيا عليه وهو على الأرض، حيث تركوه إلى أن جاء مَن ينقله إلى أقرب مستشفى، في مشهد عبثيّ ليس على هذا الصديق فحسب ولكن على ما آل إليه الوعي المجتمعي لبعض المصريين.
تابعت تلك الفيديوهات، عن الاستهتار في نقل تلك الأبقار، والتي رأيتها تعبر بكل وضوح عن اللامسئولية والإهمال، لتنضم كأفعال مسيئة إلى منظومة التسيب الذي ينعم به البعض من المصريين، ممن لا يكترثون بنتائج أفعالهم الكارثية التي تستوجب العقاب الشديد والصارم،
ويتكرر ذلك كثيرًا في أحداث محزنة أدت إلى كوارث، لا يمكن أن ينساها العقل المصري الوطني المخلص، ومنها كمثال: حادثة جرار القطار الذي تركه السائق ليسير بدون سائق، وينفجر في محطة الإسكندرية بالقاهره، مسببًا النيران المشتعلة، وما انفجار خط الغاز في مدخل مدينة أكتوبر عنا ببعيد، وغير ذلك من الكوارث التي يتسبب فيها البعض، من فاقدي المسئولية ومنعدمي الضمير، الغير مؤهلين لقيادة أي عمل عام يتعلق بالمجتمع.
لا أدري إن كان هناك قانون ينظم عمليه نقل تلك الماشيه من مكان إلى آخر، ولكن أقل ما يمكن أن نطالب به كواجٍب حتميّ على البرلمان المصري والحكومة المصرية هو صياغة قانون صارم لعملية نقل الماشية في شوارع مصر، والتي تنتشر بشكل عشوائي في عيد الأضحى من كل عام.
وعلى سبيل المثال يجب أن يتم تقييد هذه الماشيه في أرجلها بسلاسل حديدية، حتى لا تستطيع الإفلات الجنوني الذي نراه في حالة الهياج، كذلك يجب أن تُنقَل الماشيه عبر سيارات نقل عليها "ونش ثابت" يحمل الماشية المقيدة بالسلاسل الحديدية ليحملها ويُنزِلها في أماكن الذبح مباشرة دون الحاجة لتسيير تلك الماشيه قهرًا وبشكل حر كما نراه،
وغير ذلك من الإجراءات القانونية التي تضمن سلامة الناس والمجتمع،
ألا إني قد بلغتُ، اللهم فاشهد.
وكل عام وأنتم بكل خير بعيدًا عن حوادث نقل هذه الأخطار الموقوتة.