يعيش كل منا على أحلامٍ تختلط بالأمل و الأمنيات, و هي حقٌ كاملٌ للجميع طالما كانت أحلاماً مشروعة, تنبني على أهدافٍ سليمة في منظومة مجتمع متكامل ينتفع بأحلام أفراده التي تتحول إلى واقعٍ يفيد الوطن, شريطة أن يقوم بمسئولياته تجاهها إذا ما تحققت.
و من أعظم أحلام الإنسان, أن يكون له بيت مستقر و ذرية طيبة صالحة, من أبناءٍ و أحفاد, مما يطيب له خاطره و تستمتع به نفسه إذا ما رأى تلك الذرية, التي ستعينه يوما ما و تكسبه رضاءاً من الله إن هو قد أحسن فيها التربية و التوجيه.
و في واقعنا المعاصر, نرى حالة تنتشر بشكل كبير في ربوع من أرض وطننا كثيراً, مما يستوجب أن نقف إزاءها لندق ناقوسا للخطر, لعلنا نستطيع إيقاف زيادتها و تغلغلها في نسيج المجتمع بهذا الشكل الكبير.
حيث نرقب بعضا من الآباء يسارعون في طلب الرزق بأطفالٍ و يكثرون في ذلك الطلب بإلحاح, ثم هم لا يقومون بواجبهم الحتمي و مسئولياتهم الواجبة تجاه أبنائهم من التوجيه و الرعاية و التربية و المتابعة و التعليم و التطوير الذاتي لهؤلاء الأبناء, بما تحمله كل تلك الكلمات من تبعاتٍ و واجبات.
بل و في كثير من الأحيان, نجد الأب الذي يحمل إبنه على ترك التعليم الإلزامي و الزج به إلى مجالات العمل الشاق في سن الطفولة, تحت دعاوى ملتوية من أن الإبن لا يرغب في التعليم, أو أنه ليس صالحاً للدراسة و التعلم,,
لتكون النتيجة تسرب العديد من أبناء الوطن عن المسار التعليمي, و تخرج لنا جموعاً من الشباب الغير مؤهلين علميا أو مهنيا أو حتى حِرَفيّا, مما قد ينحو بهم إلى مسالك خطيرة من الأفكار الشاذة أو المتطرفة أو الأعمال المتعدية على الآخرين.
و لا يعلم هذا الأب الذي دفع أبناءه إلى الهروب من التعليم و الإلتحاق بأعمال ليست حرفية و لا مهنية, و جعلهم بعيدين عن مسارات العلم الذي يطور الإنسان, أنه بهذا النحو قد أجرم,
و أنه لم يجرم في حق أبنائه فحسب, بل قد أجرم أيضاً في حق الوطن الذي كان سينتفع بهؤلاء الأبناء في مجالات البناء الفكري و العلمي أو التقني الذي تحتاجه البلاد.
و علينا جميعا رصد تلك الظاهرة السيئة التي يقضي فيها بعض الآباء على أبنائهم دون أن يدروا, و يقتلون فيهم الحياة الحضارية و الوعي و الإدراك,
و علينا مساعدة الدولة التي سنت القوانين التي تلزم الآباء بتعليم الأبناء إلى المراحل الإلزمية من التعليم الأساسي, بأن نقدم من يتهاون في حق أبنائه إلى المساءلة القانونية بالطرق المشروعة,,
كي يكون هذا الأب المتقاعس عن مسئولياته في التربية و التعليم و التوجيه مثلٌ رادعٌ لغيره ممن لا يكترثون بتنمية ثروات الوطن البشرية التي وهبهم الله إياها لكنهم في ذلك يفرّطون.