يوم الجمعة ونحن في انتظار الخطيب ليصعد المنبر ...وكان الخطيب معروفا سلفا لدينا جميعا
....وكان يوم الجمعة هو اليوم التالي لوفاة جدتي (لأمي) وكان بالقرية لفيف من السادة الافاضل خريجي الازهر الذين ازدحمت بهم خيمة المأتم في حضور القارئ (الشيخ سيد النقشبندي) الذي يعرفه خالي الشيخ عبدالباسط سليم عندما كان مدرسا بمعهد طنطا الازهري قبل ان ينتقل استاذا بكلية الشريعة جامعة الازهر بالقاهرة
.....أذن المؤذن للصلاة وانتظرنا ولم نعثر للفيف الازهريين الذين لهم صولات علي منبر المسجد من قبل وعلي رأسهم خالي الشيخ عبدالباسط سليم
.....وازدادت النحنحة من الجالسين بالمسجد وزادت اللفتات هنا وهناك بحثا عمن يؤدي خطبة الجمعة .....واذا بالقريبين مني يأمروني بالصعود للمنبر وكنت ايامها بالمرحلة الثانوية وليس لي خبرة في هذا المجال سوي الخطبة التي اديتها في احتفال قريتنا بالمولد النبوي الشريف وكانت خطبة كتبتها من كتاب الدين المدرسي وقرأتها بالميكروفون بين تصفيق العيال والصبية والشباب وقد نالت اعجاب البعض وايضا امتعاض البعض الاَخر
......واذا بي اصعد المنبر ولما جلست ورأيت الوجوه تتطلع نحوي تمنيت لو ان بالمنبر حفرة عميقة اختبئ بها وارتعد كل عضو بجسمي حتي الفك الاسفل لفمي ..وقدماي كأنهما غاصتا في تل من الرمال ...وجف ريقي واحسست بالعرق المتدفق يغسلني
.....ثم وقفت وبالكاد نطقت بكلمة (الحمد لله) والهمني الله بقصة الخليل ابراهيم عليه السلام وكانت موجودة بكتاب الدين عندما كان يتطلع الي السماء بحثا عن الاله الحقيقي للكون ولم تعجبه النجوم ولا القمر ولا حتي الشمس
....واقتنع بان الله لا يظهر ويختفي مثل الكواكب لكنه دائم الوجود
....وبينما كنت استشهد بالقراَن الكريم واذ بخالي استاذ كلية الشريعة ومعه خالي الاصغر محمد سليم المؤلف الاسلامي ولفيف الازهريين يخلعون احذيتهم لدخول المسجد ختمت الخطبة سريعا ودعوت دعوات مختصرة (اللهم اهدنا فيمن هديت وارفع الغلاء والوباء )
....وهبطت متدحرجا نحو المقام موضع الامام للصلاة فحجزني بعض اللفيف وتقدم خالي الشيخ الجليل وأمً الصلاة
......وبعد انتهاء الصلاة مباشرة سري همس وكلام وضجيج وانتفض واقفا رجل من غير قريتنا (عبدالستار قيبع ) قائلا ...يامولانا هل صلاتنا صحيحة مع هذا الصبي ؟
....ووقف الشيخ وقال الحمد لله وهو يبتسم لو ان الخطيب صعد المنبر وقال الحمد لله ثم نزل وصلي فصلاة الجمعة صحيحة طالما بالغا وراشدا ثم ضحك وقال علي اية (من كان له ظهرٌ فلا يُضربُ علي بطنه).وفطن صاحب السؤال
....ثم بعدها قدم خطبة بعد الصلاة تحدث الناس بعدها لسنوات وكانت الايام في شهر شعبان
.....ومما قاله رحمه الله...
....ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام كان يتأمل كثيرا في السماء ليلا ونهارا وقد شغله البحث عن الاله لهذا الكون الحقيقي فالناس تعبد الاصنام من الحجارة ومن الخشب ومن الطين كأنهم وجدوا الله فيها ...وراثة من جيل الي جيل في بلاد الرافدين بالعراق ولما ثار عليهم ألقوه في النار ولما خرج سليما وحطم اصنامهم طردوه الي الشام
.....نفس الامر حدث لحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم ظل يتأمل فوق قمة الجبل وسط اكوام من الاصنام مكدسة بالكعبة ....ولما اتاه جبريل بالوحي كذبوه ...ولما امرهم بعبادة الله الواحد ضيقوا عليه الخناق واجبروه علي الهرب الي المدينة ....ولما استقرت به الاوضاع والامور بها ....كانت عيناه تتطلع الي السماء كأنه يطلب من الله طلبا لا يعرفه احد ولم يهمس به لاحد قط الا الله
.....فبعدما التف اهل المدينة حوله حقد عليه المنافقون (الذين كانوا يطمحون لحكم المدينة قبل مجيئه) ..وحقد عليه وكرهه اليهود الذين كشف زيفهم وتحريفهم للتوراة وقالوا انه يقلدنا ويتجه بصلاته نحو المسجد الاقصي
....كان محمد حزينا ويتطلع بوجهه الي السماء بالليل وبالنهار وكان ذلك في العام الثاني للهجرة
(قد نري تقلب وجهك في السماء ) ١٤٤ البقرة
.....وبعد تأمل ورجاء من حبيبنا محمد يهبط عليه جبريل وهو يصلي بالنهار والمسلمون خلفه ويأمره بالتوجه الي مكة ويرفع المصلون رؤوسهم ليجدوا الرسول غير وجهه من الشمال الي الجنوب فارتبكوا وفي صمت وهدوء اصطفوا خلفه ووجوهم نحو مكة حيث المسجد الحرام
(فول وجهك شطر المسجد الحرام ) ١٤٤ البقرة
.....وحتي يكون الامر جامعا لجميع المسلمين في كافة انحاء الارض
(وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) ١٤٤ البقرة
....
....(قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون) ١٤٤ البقرة
...
.....يقول البعض ان جبريل همس للنبي في صلاة الظهر والبعض قال في صلاة العصر
....ويقول البعض ان تحويل القبلة كان في شهر رجب والبعض قال في شهر شعبان والبعض قال في شهر المحرم ! .
تماما كما اختلفوا في الاسراء والمعراج
والنبي محمد لم يذكر التاريخ بالضبط
تماما مثل ليلة القدر التي ذكرها المولي في شهر رمضان وعرفها وعلمها حبيبنا محمد ولكن الله انساه اياها وقال المصطفي(انما أُنسيتها)
.....القاعدة ليس لنا يوما نقدسه ولكن لنا الها واحدا نقدسه (القدوس) ولا مجال للمتقولين
وننفذ اوامر ربنا
...(فاستقم كما أُمرت) ١١٢ هود