حمل لوتريامون فكر السّوريال بشعره الذي يماثل مبدأ الحركة الإبداعية المتمركز حول بؤرة اللّاوعي الفني وهواجس الدّاخل، وقد صفه أندريه بروتون بأنّه شاعرٌ تمردي بكلّ معنى الكلمة حيث" أنّه يسخر من جميع القوانين ويشكّك في كل منظومةٍ فكرية"[1].
يكتب لوتريامون مستنداً إلى قواه الداخليّة، منطلقاً من عقده وآلامه النفسية، متطلعاً إلى تكوين عالمٍ مختلفٍ، وابتكار لغةٍ مختلفةٍ.
ومن يقرأ أناشيد مالدورور يقف عند أعمق نقطة وأكثرها سواداً في نفس الكاتب، حيث تتراءى أمامه اللغة كلعنةٍ مسكوبةٍ على جسد الأرض، هي أناشيد بؤسٍ تنبعث منها رائحة المقابر
" فيا حفّار القبور جميلٌ أن نتأمّل خرائب المدن، لكنه جميل أكثر أن نتأمل خرائب الآدميين"[2]
يرى العالم عبر أناشيد مالدورور لوحةً سوداء، أجمل ما فيها خرابها.
إذا يسائل بأناشيده الموت ويراه الحقيقة اليتيمة ضمن زيف الوجود، يقول:
" لقد تلقيت الحياة
- [1] الصّوفيّة والسوريالية، ص29
[2] - دوكاس، إيزيدور، لوتريامون، أناشيد مالدورور، تر: سمير الحاج شاهين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 1982، ص77