توسَّلته أمه ألَّا يذهب ويبقى معها، فهو وحيدها وقُرَّة عينها،
نظر إليها بابتسامة حانية وهو يقول لها بودٍّ وثقة:
- وهل يفرُّ الجندي من أرض المعركة يا أمي؟
أنتِ لم تزرعي هذا بروحي يومًا ما، ألم تخبريني دومًا أنَّ الجندي يقاتل حتى آخر أنفاسه؟
ملأ عينيه بملامحها وهو يقول:
- لا تنسي أن تُقبِّلي طفلي من أجلي، وأخبري زوجتي أنَّ غيابي سيطول، من ثَمَّ قبَّلها بين عينيها وهو يقول: لا تحرميني دعواتكِ الصادقة يا أمي.
وصل إلى المستشفى التي يعمل بها طبيبًا، وعلى غير العادة منذُ بدأ الوباء في الانتشار وفرض حظر التجول الجزئي، كان هناك جمع غفير من الناس، حيثُ يُشير الجميع نحو رجل يقف مترنحًا لا يقوى على الوقوف بثبات.
سمع همهماتهم وهم يقولون إنَّ سيارةً مكشوفةً قد ألقَت به أمام المستشفى وغادرت مسرعة.
تقدَّم نحو الرجل، والذي بدأت معالم وجهه تتضح تدريجيًّا؛ حيثُ كان جليًّا أنه غير مصري، وأنه ينتمي لإحدى الجاليات الأوروبية.
وما إن اقترب منه حتى وقع الرجل أرضًا في ارتطامٍ قوي فاقدًا للوعي.
تزايدت الهمهمات والأصوات مُردِّدةً بخوفٍ وهلع: كورونا.. كورونا.
كان الجميع يخشون من الاقتراب منه أو إسعافه حتى المسعفين والممرضات أصابهم ما أصاب الجميع من توتُّرٍ وخوف.
ارتدى كمامته فوق أنفه، ووضع قفازًا بكفيه من ثم حمله بين يديه لإنقاذه، قام بعمل الفحوصات اللازمة وأخذ العينات؛ لمعرفة وضعه الصحي، من ثَمَّ وضعه تحت جهاز التنفُّس وذهب يسابق الزمن مع بقية الأطباء؛ لتفقُّد بقية المرضى محاولًا بثَّ الأمل بنفوسهم وتخفيف آلامهم.
مرَّت الساعات، وظهرت نتائج العينات، والتي أكَّدت أنَّ العينات التي تم أخذها إيجابية، وأنَّ الرجل بالمرحلة الأخيرة من المرض كونه مُصاب بالضغط والسكري
قام بوضع الرجل بالحَجْر محاولًا طمأنته، ولكن الرجل كان يدرك أنها النهاية؛ فرجاه وتوسَّل إليه أن يتصل بزوجته وأولاده لرؤيتهم للمرة الأخيرة وتوديعهم قبل موته، وتحت ضغطه وإلحاحه ورفقًا به قام بالاتصال بأسرته، والذين ما أنَّ علِموا أنه مُصاب بالفيروس حتى أغلقوا الهاتف بوجهه.
تساقطت دموعه على وجنتيه؛ لهول الموقف وهو يُحدِّث نفسه قائلًا:
- هل وصلنا لذلك حقًّا؟
لم يشعر إلا والأرض تميد به ليتهاوى أرضًا فاقدًا للوعي، وكان آخر ما سمعه قبل سقوطه همهمات من حوله وهم يُردِّدون بقلق:
- لقد أصاب الفيروس الطبيب.
وأحدهم يُحذِّر بحَسْمٍ:
- ليبتعد الجميع؛ لدينا حالة لطبيب مُخالِط من ثمَّ غاب عن الوعي خارج غرفة الحَجْر، والتي تم وضعه بها برفقة الرجل الأوروبي، والذي كان مثله تحت جهاز التنفُّس، وكلاهما متصل بجهاز قياس نبضات القلب، ارتفع ذلك الأزيز المعدني لينبئ عن موت أحدهم، ليأتي طبيب آخر على عجل مُقتحمًا للغرفة من ثَمَّ يخرج مُغالِبًا دموعه وهو يقول بحزنٍ وأسى:
- قد مات.. قد مات.
سقط جاثيًا على قدميه وقد كسَت ملامحه علامات العجز والأسى مُردِّدًا بحزن:
- مات الطبيب
- تمت
آمال محمد صالح احمد
هند حمدي عبد الكريم السيد
ايمان سعد عبد الحليم بسيوني
ياسر محمود سلمي
د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
د. راقية جلال محمد الدويك
د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
دينا سعيد عاصم
رهام يوسف معلا
د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
د. عبد الوهاب المتولي بدر
زينب حمدي
حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
د. شيماء أحمد عمارة
د. نهى فؤاد محمد رشاد
فيروز أكرم القطلبي 




































