جرى هذا الحوار مرتين مع شخصين مختلفين خلال أسبوعين: أحدهما علاقته بالرياضة بعيدة، والثاني علاقته بالرياضة وطيدة.
الرأيان أشارا إلى أن الرياضي المتفوق — عضو المنتخب القومي — يجوز له أن يلعب تحت علم دولة أخرى طالما أن التقدير المادي والمعنوي غير متوفر هنا، وأن الشخص يجب أن يبحث عن مصلحته حتى ولو بتمثيل بلد آخر.
الشخصان أكدا أيضاً — في مصادفة غريبة وفي نفس الحوار عندما عرج النقاش للشأن الدولي والسياسي — أن أهل غزة العظماء كانوا أبطالاً وكبدوا "الخنازير الزرق"ع خسائر فادحة، وأن حربهم عادلة وضرورية، وأنهم يدعمونهم.
وقبل أي شيء: كاتب هذه التدوينة لا يمكنه أن يلعب تحت علم أي دولة مهما كانت المغريات. هذا إذا كان يمكن ضمه للمنتخب. ولأنه لم يصل بعد لمستوى تمثيل بلد ما — او يمكن ضمه لمنتخب ما في الرياضات التي يمارسها .. كالقفز بالمقشة .. أو قذف البلي من على ظهر الكاياك .. — ، فسـيكتفي برأيه "النظري" في هذا الطرح.
يمكنني أن أعمل في دولة أخرى مئة سنة؛ نعم وربما أحصل على جنسيتها، لا مشكلة لأسباب إدارية ولوجستية ومادية. لكن أن ألعب تحت علمها وأسمع نشيداً غير نشيد بلادي إذا فزت بميدالية، وأمسك بعلم الدولة الأخرى وأركض في المضمار محاطاً به حول خصرِي — فهذا ما لا أستطيع تحمله او تخيله!
أصحاب الرأي الآخر المضاد — وهو رأي له مناصروه الكثر — فنحن نحترمه بدون تقدير، من باب قبول الآخر على مضض. 😉
ولكن أيها المؤيدون للرأي المشجع بأن يمثل الشخص وطناً آخر غير وطنه، .. هناك مغالطة منطقية صغيرة في الموضوع.
غزة قطعة أرض صغيرة، مدمّرة، محتلة، منقسمة. آمال الحياة الطبيعية فيها في أدنى مستوياتها، ومع ذلك أنت تدعم أولئك الأبطال الذين دافعوا عن وطنهم بصلابة وجسارة وماتوا من أجله. والسؤال: لماذا تدعمهم؟
هل مصلحتهم في القتل؟ في الحياة وسط الركام؟ أين المصلحة للغزيين المقاتلين؟
وطنهم لن يمنحهم مكافآت مادية ولا معنوية، ولا حتى علاجاً مناسباً ولا سكنًا ملائماً، وربما لا إنسانية مرتقبة. ومع ذلك أنت تشجع الموت في سبيل الركام والدمار والوطن. اسأل نفسك هذا السؤال: لماذا؟
أنت تؤيد أن يموت الشخص مقابل وطن مدمر، ولكن تسمح لنفسك أو للاعبك عضو المنتخب القومي أن يرفع علماً لوطن آخر يمثله ويتغنّى به!
مغالطة منطقية لا يمكن قبولها. ولا تقل لي "هذه نقرة وتلك نقرة"؛ فالنقرتين متشابهتان إذا كان معيار المقارنة هو "المصلحة".
نعود إلى مصر والمصريين. نعم الظروف الاقتصادية صعبة وقدرات الاتحادات الرياضية ضعيفة — ناهيك عن انهيار المنظومة الإدارية الرياضية المحترفة بصفة عامة — التي لا تدعم الرياضي المتفوق بل وتحاربه في هواية مصرية أصيلة. كل هذا لا يبرر أبداً أن يتخلى الرياضي المتفوق عن تمثيل وطنه لصالح وطن آخر.
احترف في الخارج، واستفد مادياً من كل الفرص الممكنة، لكن أن ترفع علماً غير وطنك فهذا ما لا يمكن قبوله.
وإلا فلماذا تهلّل لمقاتل غزاوي مات وماتت أطفاله ودُمرت حارته ومدينته مقابل الركام؟ ألا يعرف هذا المقاتل مصلحته؟ أم ينتظر مالاً أو تقديراً؟
كل ما سبق لا ينفي الأهمية القصوى للتقدير المادي والمعنوي فهو شئ أساسي وضروري وحتمي، وما دون ذلك فهو فشل وإضرار بالوطن والانتماء وأمور كثيرة أخرى. وهذا أمر يجب أن يُعالَج فوراً .. بأن اتولى انا مقاليد الرياضة في البلاد 😎 و إنا لله وإنا إليه راجعون ..
بعيداً عن "الهزار" الذي قد يودي بصاحبه. 😀
نعود لأصحاب الرأي الآخر: .. في الدار الآخرة .. وبعد عمر طويل .. ، عندما تقابل شهيداً مثل أحمد حمدي أو الرفاعي أو زرد أو أحمد حسن — من اولائك الذين ضحّوا بشيء "بسيط" وهي حياتهم فقط من أجل وطن — هل ستجدهم متفهمين لرغبتك في رفع علم بلد آخر من أجل المال؟
دعم من الآخرة .. اذا قابلت اليوم .. أما لشهيد قضى وفاضت روحه في سيناء الأعوام الماضية .. هل ستتفهم رغبتك في تمثيل بلد آخر .. إبنها الشاب اليافع.. دفع عمره من أجله ..
في النهاية: في سبيل مصلحتك افعل ما شئت، لكن عند الوطن فالأمر مقدّس .. مقدس جدا .. مقدس للغاية .. هكذا أفهم .. ، وهكذا يجب أن يفهم كل شخص يتنفس.
وأختم بأمنية صغيرة: هي أن نرسل مسؤولي كل من يدير احوال الرياضة في مصر - عدا معالي الوزير طبعا - إلى زعيم كوريا الشمالية في "رحلة إعدام صغيرة" — عفواً: مهمة إعداد صغيرة — ما عدا البعض لأن فيهم أحباء وزملاء أحبهم، فسأعفيهم من رحلة كوريا الشمالية. - من باب الواسطة، ولأني مصري، فالواسطة كنز لا يفنى.
والوطن لا يفنى وأنت تفنى.
ياسر محمود سلمي
د. راقية جلال محمد الدويك
أيمن موسي أحمد موسي
د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
دينا سعيد عاصم
رهام يوسف معلا
ياره السيد محمود محمد الطنطاوي
فاطمة محمد البسريني
محمد محمد جاد محسن
د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
د. عبد الوهاب المتولي بدر
زينب حمدي
حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
د. شيماء أحمد عمارة
د. نهى فؤاد محمد رشاد
فيروز أكرم القطلبي 




































