لا شيء يُضاهي الحنين في سطوته وقسوته، حين تمتلئ الذاكرة بمن رحلوا.
فكل زاوية في القلب تحمل عبق الذكرى،
وكل لحظةِ صمتٍ تضجُّ بصورٍ عالقةٍ في دهاليز النسيان.
نفتقدهم في التفاصيل الصغيرة...
في همسة، في ظلّ، في حُلمٍ لم يتحقّق ولكنه مقيم،
في رائحةٍ تعبرنا ثم تختفي.
حين تمتلئ الذاكرة بمن رحلوا،
لا يعودون ملكًا للماضي فقط،
بل يأسرون الحاضر بغيابٍ أقوى من أيّ حضور.
يشاركوننا فنجان القهوة الذي لا يُرتشف معهم،
ويُطلّون من ممرّات الذاكرة عبر نافذة الاشتياق،
عبر ملامحنا التي ما عادت تشبهنا بعدهم.
الحنين ليس شعورًا عابرًا،
بل غصّة مقيمة توقظنا على وقع الذكرى،
وتتركنا نتقلّب على وسادةٍ من شوك.
وما أصعب أن يكون الصمت هو الشيء الوحيد الذي يتردّد،
داخل ذاكرةٍ موسومة بالنسيان... لكنها ممتلئة بضجيجٍ صامت.