أن تحب أحدهم طويلًا، يعني حضور ألف جنازة للنسخ التي كان عليها.
المنهك الذي لم يعد يحتمل الوجود...
الغريب الذي فقد ملامحه ولم يعرف من بداخله...
الناضج الذي تَجاوَز،
وذلك الذي ما زال في منتصف الطريق، يتلمّس الضوء.
أن تحب، يعني أن تضع قلبك في مركب هش،
وتبحر به وسط موجٍ من التحوّلات لا يهدأ.
أن تتعلّم كيف تنعي النسخة التي أحببتها البارحة،
وتصافح النسخة التي لا تزال تتكوّن اليوم،
وتتقبّل، بصمت، الغياب المؤقت لمن تحب،
حين يخبو بريقه، أو يضيع مؤقتًا في متاهات نفسه.
عندما ينطفئ بريق أحبابنا، نتمنى بشدة أن يستعيدوه،
أن يهتدوا سريعًا عندما يضلّون.
لكن، ليس لنا المساءلة.
مهمتنا - فقط - الارتحال معهم من نسخة إلى أخرى،
وتقدير ما يظهر على طول الطريق.
فالحب ليس وعدًا بالثبات، بل مرونة في احتواء التغير.
ليس محاولة للقبض على الضوء،
بل الصبر حين يتحوّل الوميض إلى عتمة،
عتمة ضرورية، تعيد تشكيل الروح.
أحيانًا يكون الحب توهّجًا،
وأحيانًا يكون حريقًا يحرقنا مع من نحب...
يحرق النسخ القديمة،
ويتركنا نتكوّر في رمادنا، بانتظار ميلاد جديد.
هو ليس راحة، بل إعادة ولادة مستمرة.
هو أن تعزف على وترٍ مكسور،
وتسمع من الشروخ نغمة لم يعزفها أحد من قبل.
الحب، في جوهره، أن ترى في عين من تحب
المعارك التي خاضها، النسخ التي دفنها،
والنور الذي لا يزال يقاوم.
وفي لحظة نضج خافتة،
ندرك أننا لم نُخلق لنُصلح بعضنا،
بل لنرافق بعضنا في رحلة الترميم،
في التصدعات، في الانطفاءات، في النهوضات.
فكل حبٍ طويل، هو سجل للنسخ،
مرثية واحتفال، بداية ونهاية،
عتمة ونور،
وصمتٌ بين نبضتين...
يعني أن تستمر رغم التبدّل،
أن تحتمل الحريق ولا تفر،
أن تقول: "أنا هنا،
حتى حين تكون أنت غيرك".