لا تَجزعنَّ إن باغتك الانتكاسُ بعد أن ظننتَ أنك تعافيت…
فبعض الجراح ليست جُرحًا، بل بوابة سرّية تؤدي إلى قلبك… لم تُغلقها كما توهّمت، بل تركتَها نصف مواربة، يدخل منها الحنين كلما اشتدّ الصمت.
الشفاء الحقيقي ليس خطًا مستقيمًا، بل دربٌ متعرّج بين ظلال الذاكرة ونور الوعي،
تتعثر فيه مرات، لا لأنك ضعيف، بل لأن الجرح كان عميقًا… عميقًا كجذر شجرة نُزعت من تربتها وهي تتشبث بالحياة.
لا تقِسْ عافيتك بعدد الأيام التي لم تبكِ فيها،
بل بعدد المرات التي شعرتَ فيها بالألم… واحتضنته.
الانتكاسة ليست سقوطًا، بل موجة عائدة من بحرٍ لم يهدأ، تقول لك: ما زلت هنا… لا تتجاهلني.
بعض الجراح تُشفى كما تتفتح الورود… ببطء، وبصمت، وبنورٍ خافت يأتي من الداخل.
وبعض الأوجاع تُشبه فصل الشتاء، لا يرحل لأنه قاسٍ، بل لأنه ضروري لنُضج الزهر الذي سيأتي.
لا تُعاتب قلبك حين يرتجف…
فكل نبضة مرتجفة هي درس في التحنان، وكل وجعٍ عائد، هو ضوءٌ يحاول أن يتسلل من كسرٍ قديم ليقول لك: ما زلت تتنفس… وما زال فيك أمل.
تعامل مع ألمك كما يتعامل العاشق مع طيف حبيبٍ راحل…
لا يُنكره، لا يُطارده، بل يجلس إليه كلما زاره، يشرب معه قهوة الذكرى، ثم يُرافقه إلى الباب بهدوء.
فبعض الكسور لا تحتاج لجبيرة… بل لرفقٍ دائم.
وبعض القلوب لا تُشفى بالنسيان… بل بالحضور المتكرر للحنان.
لا بأس إن ارتعشتَ بعد سنوات من الثبات،
ولا عيب في أن تتألم مجددًا،
فالأرض لا تخرج أزهارها دفعةً واحدة… بل على مهلٍ، كما يفعل الله في رحمته.