ثمة جوعٌ لا تسكته الموائد،
ظمأٌ لا ترويه أكواب الاهتمام الروتيني،
جوعٌ يسكن قلب المرأة حين تُمنح كل شيء… إلا الحب.
يخيَّل لمن يراها أنها تعيش في نعيمٍ مقيم،
زوجٌ لا يقسو، بيتٌ لا يشتكي، أولادٌ في عافية،
لكنها، في أعماقها، كحديقةٍ ذبلت أغصانها برغم انتظام المطر،
لأن ماء الجذور كان مالحًا،
ولأن الشمس التي تُنبت فيها الأنوثة… غابت.
إنها لا تطلب كثيرًا، فقط أن يُرى قلبها لا جدول مهامها،
أن تُحتضن كأنثى لا كمشروعٍ اجتماعي ناجح،
أن تُمَارَس العلاقة معها كهمسٍ بين عاشقين، لا كأداءٍ بيولوجي ثقيل.
أن تُشتهى بنظرة، وتُسمعَ بكلمة، وتُبعث من سباتها بأنفاس شغف.
الجوع العاطفي ليس دلالًا فارغًا ولا تمردًا على النعمة،
بل هو صرخة أنثى خُلقت لتُحب وتُحتَضَن لا لتُدار كآلة إنتاج.
حين تموت في المرأة شهقتها، تذبل الحياة من حولها،
فهي الوطنُ إذا امتلأ، والغربةُ إذا خوى.
لكن لا سبيل للنجاة إلا بالصدق.
فللرجل نقول:
اعلم أن الحنان الأبوي لا يكفي إن غاب عنه الشوق،
وأن رعاية الجسد لا تُغني عن احتضان الروح،
وأن قربك بلا رغبة… يُنبت في قلبها صقيعًا لا تدفئه مواسم.
وللمرأة نقول:
لا تصمتي عن الجوع حتى يتحوّل إلى كراهية،
تكلمي، لا بنبرة الاتهام، بل بلغة الاحتياج النقي،
ذكّريه أنكِ لستِ فقط أماً لأولاده، بل أنثى له،
وإن غاب النداء فيكِ، فلتُعيديه بالحوار، لا باللوم،
وبالصدق، لا بالانكسار.
الحب لا يُفترض، بل يُبنى،
والقرب لا يُحسب بالخطوات، بل بما بين الخطوتين من دفء.
فإن فَقَدَ البيتُ الحبيب، سقط سقفه،
وإن بقيَت فيه أنثى جائعة، تساقطت جدرانه وإن بدت قائمة.
فليُراجع كلٌّ منا دوره،
ولا يغفل الحبيبُ في زحمة الأدوار،
ولا تنسى الأنثى أن تطالب بحقها دون خوفٍ أو خجل،
فالجوع العاطفي... لا يرحل إن تجاهلناه، بل يكبر في الظلّ، حتى يُفسد النور.