الامتنان والشكر، هما نهران يلتقيان في بحر الحياة،
يموجان بأمواج من صفاءٍ ورقة، يروي كل منهما شجرة الوجود بذور المحبة والوفاء.
الامتنان هو القلب الذي ينسج خيوط النور من ظلمات النعم،
هو ذلك الشعور الذي يهمس كنسمة الفجر في أذن الروح، فيوقظ فيها زهرة الامتياز والتقدير، دون أن يُنطق بكلمة.
أما الشكر، فهو الحرف الذي ينبثق من بين شفتي اللسان، كطائرٍ يحلق في سماء العرفان،
هو البسمة التي ترسمها الأرواح المتعطشة للوفاء،
هو إيقاع الأوتار التي تنبض بالحياة، تردّد أصداء الامتنان في أرجاء النفس.
بين الامتنان والشكر، جسرٌ من نورٍ لا يُرى، لكنه يُحسّ في عمق القلب،
فإذا كان الامتنان شعاع الشمس في صباح الخير،
فالشكر هو الزهرة التي تفتح أبوابها لهذا الشعاع،
فتفوح بأريج الطيب والصدق، وتُهدي العالم أجمل العطور.
الامتنان بلا شكر، كسماء بلا نجوم، تفتقد السحر،
والشكر بلا امتنان، كقارب بلا مجداف، لا يَحطّم موج القسوة.
فلنمزج الاثنين كما يُمزج الحبر بالماء،
ليرسم لنا لوحة حياةٍ متكاملة،
تُنير ظلمات الدروب، وتغمر القلوب بفيضٍ من السلام والرضا.
فلنحمل الامتنان كشراعٍ يرفعنا فوق أمواج الهموم،
ونرمي شكرنا كأشرعةٍ تملأ الأفق بالحب والوفاء،
فهما، معًا، سرُّ الخلود في قلب الإنسان،
ومفتاحُ العيش في كنف الصفاء والطمأنينة