مع هذا الكتاب يتجلى بوضوح كيف كان نبينا عليه أفضل التحية والتسليم محبا لربه إلى درجة تفوق الوصف الإنساني ، وكيف كان الدعاء النبوي الشريف ترانيم سماوية ربانية علوية ، من قلب أطلعه ربه على ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين ، فهو دعاء المعاين المشاهد لتجلياته تعالى في كونه .
ولاأدري لماذا نحرص في دعائنا على أن نذهب فنوظف على أنفسنا أورادا وأذكارا من هنا وهناك ، ولدينا هذا المعين الصافي من الترانيم السماوية العذبة ، من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم .
وهل سمعتم أن أحدا غيره صلى الله عليه وسلم ، استقبل يومه بمثل هذه الترانيم السماوية العلوية : اللهم إني أصبحت في نعمة منك وعافية وستر فأتمم نعمتك علي وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة ، اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لاشريك لك فلك الحمد ولك الشكر . ياربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.- هذا الدعاء الأخير الذي أخبر صلى اله عليه وسلم أن الملكين لما سمعاه من ساجد عجزا عن تقدير ثوابه ، فأمرهما الرب بكتابته كما هو ، ليجزي جل وعلا قائله عليه بما لايعلم كنهه إلا هو - . ثم يجدد صلى الله عليه وسلم حالة الرضا التي لاتفارقه في علاقته بربه وماحمله من أعباء الرسالة وأمانتها : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا... وحين يدخل المساء يرفع صلى الله عليه وسلم يده إلى السماء متوجها إلى ربه : اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك اللهم اغفر لي..و من أجمل ماقرأت من دعائه صلى الله عليه وسلم حين يقوم من الليل : اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أنك أنت وحدك الرب لاشريك لك ، اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك ، اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة... الله الله الله .. طرب وجمال وعذوبة ورحمة عامة شاملة ، هل تأملتم هذه الرحمة الإنسانية التي تسع الخلق جميعا ( أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة ) .
الكتاب حقيقة سياحة ملكوتية ، لن يمل صاحب القلب الصافي النوراني من تكرا ر مطالعته ومعاودته حتى يحفظه عن ظهر قلب ، وبعد حفظه لن يمل معاودته ليعيش حالة كاتبه الوجدانية الروحانية وهو يعرض لكل دعاء ، فكأنك وأنت حافظ لما تقرأ من دعاء تكرر على مسامعك مرات ومرات ، تسمعه لأول مرة ، وترى أنواره وهي تسري إلى أعماقك ، لتبدد الظلام الناشىء عن حجب الران والغفلة ، لأنه ببساطة بقلم رجل يكتب بمداد من نور . والكلمة النبوية حين تكتب بمداد من نور ، تصبح نورا على نور . نصيحتى لاتفارقوا هذا الكتاب ولاينبغى أن يفارقكم .