عندما يُذكر اسمها تتداعى أجمل ذكريات اطفولة .. وترتسم إبتسامة عريضة على وجوه الكبار قبل الصغار ..هذا مالاحظته فى بداية مشوارى الإذاعى .. كانت تجمع الأطفال حولها فى مكتبها قبل الذهاب للاستوديو لتوزيع الأدوار عليهم وتقوم بعمل بروفة معهم .. كانت قادرة على التواصل معهم بشكل مثير للدهشة .. تمازحهم وتخاصمهم وتصالحهم . . إذا رأيتم معا تشعر انهم ثلة من الأصدقاء ( رغم فارق السن بينهم .. حوالى أربعين عاما ) لقد كانت طفلة كبيرة متقلبة المزاج تغضب بسرعة وترضى بسرعة .. وقد عانى العاملون معها فى البداية ولكن بعد أن عرفوا طبعها ومدى طيبة قلبها أحبوها .. وعندما أصبحت رئيسة لشبكة البرنامج العام ضاق صدرها بالعمل الإدارى.. وهنا تزلف إليها أحد الإنتهازيين وأخذ يداهنها وينافقها .. حتى أصبح مستشارها الغير امين وكاتم أسرارها إلى حين .. وعند إحالتها للمعاش أوصت أن يكون خلفا لها .. وجاءت تزوره فرحب بها عدة مرات فى البداية .. وعندما تكررت زياراتها حيث تنتظر فى مكتبه حتى يحين موعد الأستوديو .. بدأ يتنكر لها وأمر السكرتارية فى مكتبه ألا يسمحوا لها بدخول المكتب .. وأحست السيدة وامتنعت عن زيارته .. وذات يوم دخلت مكتبى لأحضر بعض الأوراق ( وكنت نادرا ماأجلس فيه لإنشغالى بالأستوديو أو التسجيلات الخارجية والأهم لأحم نفسى من جلسات النميمة والشللية التافهة ) فرأيت مشهدا أذهلنى كثيرا وجدت أبلة فضيلة الرائدة العلامية تجلس على كرسى متهالك بجوار سكرتيرة صغيرة السن والخبرة ولاتعرف قدر هذه السيدة .. ولما لاحظت هلعى .. نظرت إلى نظرة ذات معان كثيرة والمعنى الذى وصلنى واضحا : هذا هو حال الدنيا .. بسرعة إحتضنتها وألححت عليها أن تشرفنى بالجلوس على مكتبى .. ومنذ ذلك اليوم أصبحت محل ثقتها .. كانت تحكى لى عن حياتها الخاصة وإبنتها الوحيدة رائعة الجمال ريم التى تزوجت وهاجرت مع زوجها .. وكانت تزورها من حين لآخر حتى لاتترك عشقها الأول .. برامج الأطفال فى الإذاعة ... قصة طريفة روتها لى حول موقف لها مع السيد حسب الله الكفراوى الوزير السابق .. فقد حجزت شاليها فى الساحل الشمالى وعندما حان موعد التسليم إمتنع المسؤول عن التسليم ولم يعترف بالمبالغ التى دفعتها لسبب لااذكر تفاصيله حاليا فذهبت للوزير باكية كالأطفال . فاستقبلها بحفاوة منقطعة النظير وهدأ من روعها وطمأنها .. ولما بدأت فى سرد المشكلة فوجئت به يقول لها قبل كل شى إحكى لى حدوتة النهاردة .. فنظرت غليه مستغرب ومستفسرة .. فقال لها أنا أسمعك كل يوم فى السيارة وأنا فى طريقى للوزارة واليوم كان عندى إجتماع بدرى شوية ولم أسمع إلا جزءا منها .. فحكت له الحدوتة ..وهو منصت تماما لها وبعد إتمامها اخذ يستفسر منها عن بعض النقاط .. حقا إن أعظم الرجال هم من يحتفظون بقلب طفل مهما تقدم بهم العمر ... تحية للإعلامية القديرة أبلة فضيلة وتحية لك أم تحكى لطفلها حدوتة تثرى بها عقله ووجدانه .