المقال منشور بجريدة الأجيال الأحد 9/10/2011
غريب هذا العالم الذي نعيش فيه ...!!
خبرين علي صدر احدي الصحف المصرية أمس لوزيرين مصريين ينفي كلا منهما تصريحات الأخر فيطير عقل القارئ منهما فلا سامح الله الكاتب والمتحدث والناشر.... ، الخبر الأول يتحدث نقلا عن لسان نائب رئيس الحكومة ووزير المالية ينفي نفيا قاطعا تعرض مصر للإفلاس خلال الستة أشهر القادمه ..!!
الخبر الأخير وهو علي نفس الصفحة لنفس الجريدة في نفس اليوم نقلا عن وزير القوي العاملة والهجرة يؤكد تأكيدا دامغا بالأدلة والبراهين أن مصر تمر بأزمة اقتصادية طاحنه ومعرضة للإفلاس خلال الستة أشهر القادمه ..!!
دعك عزيزي القارئ من الإعلام الذي هو دائما تابع والذي هو دائما يقدم لعقلية الشعب إعلاما سيئ السمعه ، وهذا ليس بجديد علي كثير من آحاد النكرات في الإعلام العربي ، ولكن ما يستفزني حد الغضب هو عقلية تلك الحكومة اللعينة ، هذان الرجلان كلاهما يحمل شهادة الدكتوراه وكلاهما يعمل في وظيفة وزير مسؤول كالأخر أي من العقلي جدا لو كانت مسألة جدية الحديث عن تخاريف جفاف موارد الدولة فطبيعي أن يكون ( إفلاس مصر بجلال قدرها ) قد ورد ولوعلي سبيل المداعبة في مكالمة هاتفيه ، وسؤال خبيث : هل لدي السادة الوزراء علم بحجم تجارة المخدرات في مصر قبل و بعد إسقاط الطاغية حسني مبارك وكم عدد المليارات التي تصرف علي تجارة الحشيش الأن (...!! ) ضع اللفظ المناسب بين القوسين ثم سلم المقال لأقرب دبابه ، لأننا لو أردنا استقرار الأوضاع وتسليم السلطة لأصحابها سنفعل ولكن يبدو أن الثورة ـــ ( واخده عين ) ...!
ولكن علي أية حال سأفترض حسن النية رغم أنفي ولكن لي سؤال ـــ لو كان الدكتور الببلاوى لديه أدلة دامغة علي صدق ما يقول لماذا لم يخبر الدكتور البرعى بهذه الأدلة حتي يبهته فينقلب علي عقبيه ويصمت لأنه لم يقل خيرا ..! ومن نفس المنطلق إن كان الدكتور البرعى لديه ما يرد به أدلة صاحب العصمة الدكتور الببلاوى لماذا لم يخبره بها حتي يدحضه الدكتور الببلاوى ويبهته مرة أخري فينقلب علي عقبيه مرة أخري ويصمت أخيرا لأنه لن ينطق بخير أبدا ..!! أم أن الرجلين بصفتيهما الرسمية يتبعان رئيسين مختلفين متعارضين في الأهداف والقرارات والتصريحات ؟!!! ومع افتراض ان الرجل الأول هو بصفته السياسية يرأس الرجل الأخر ، فمن الذي سمح للرجل الأخر بالكلام المضاد لتصريحات رئيسه ..؟!!
الأهم عزيزي القارئ وأنا في هذا المقال أتحث بلسان مواطن بسيط ليس له من الأمر ناقة ولا جمل ، هذا المواطن يري الحكومة في نظره هي قسم الشرطة المجاور لبيته ولا يعرف الفرق بين رئيس الحكومة وآينشتين ، ولا يفقه الفرق بين خطة عمل الوزارة ونظرية هوند ، هذا المواطن التعس هو نفسه لا يستطيع التفريق بين الزى المدني والدولة المدنيه ...!!! ، لو تحدث أحدنا إلي هذا المواطن عن مسألة كهذه لن تجد منه ردا إلا هذا ( تتحرق الحكومه والا تولع بجاز هو انا كنت كسبت منها ايه ..!! )
مسألة إفلاس أي دولة جراء أزمة اقتصادية ليس بالضرورة أنها ستسقط ، لأن الفرق بين الإعسار والانهيار كالفرق بين الدولة المدنية و( بدلة المشير ) ، وكان مفترض من السادة المسؤولين إما أن يشرحوا لنا ما هو معني كلمة إفلاس الدولة وما هي التدابير المتخذة من الحكومة الثورية المحترمة للحيلولة دون الوقوع في مشكلة ربما أراها أكذوبة جدلية لا فائدة من إطلاقها وما هي طرق التوجيه الأمثل لإدارة الأزمة المشتركة بيننا جميعا ، وإن كنت أري أن الواجب كان يحتم علي كلا الوزيرين السكوت التام والعمل في صمت بعيدا عن إثارة البلبلة وتخويف البسطاء لأن الناس الأن تفكر في اتجاه واحد فقط هو أن الإدارة بالكامل قد فشلت في ثمانية أشهر لعينة مرت بلا فائدة ترجي ، و أن هناك من لا يزال مصرا علي إرهاق أذهان الشعب ولم تزل نفس لغة الخطاب السقيم لم تتغير ولم تزل تصريحات المسؤولين في مصر تحمل في فحواها لهجة التخويف ، فسياسة التجويع وانهيار الاقتصاد والانفلات الأمني المتعمد يحاسب عليها المجلس العسكري ورئيسه والسيد رئيس الوزراء وحكومته ووزير الداخلية حتي لا نقلب الآية مرة أخري ونصبح عالة علي الرئيس والحكومة وحتى لا تتحول إشكالية نهضة مصر إلي وصلة مدح فيمن اتخذ قرار نجاح الثورة ، نسألكم أن ترحمونا ،،، أنتم في نظرنا حكماء الأمة وعلمائها وفرسانها ،،، نحن لا نريد أن نخسركم فلا تلعبوا معنا لعبة الخسارة فنحن لم نكسب شيئا حتي الأن ..!!
أيها السادة الأخيار ...
تأتي أوقات يقف فيها الاحترام علي المحك مع سوء المصير ، ولا يكون أمامنا سبيل إلا إثبات الرجولة ولو بأي ثمن تكون ، وهناك فرق شاسع بين أن يكتب الإعلام و أن يكتب التاريخ ، وكما أن هناك من نحترمهم ونثق في نزاهتهم ولا غبار علي صدقهم هناك أيضا من يضيع فرصا تاريخية لأسباب ممسوخة ومكررة في كتاب التاريخ وكثيرا ما يكون هنا السكوت علي الحقائق دليل إدانة فتأتي لحظة الحساب أحيانا لا تفرق بين الأخيار والأشرار خصوصا حين يكون كلاهما عون لشيطان أخرس ..
أنا أحترم الدكتور عصام شرف وحكومته ولكن هذا لا يمنع أن يرفع هؤلاء الرجال الحرج عن أنفسهم حتي لا يضطر الشعب لأن يرفعه بطريقة أخري..!!
ومن الأن أضم صوتي لكل إنسان مصري ينادي بإسقاط حكومة الدكتور شرف ، ليس تشكيكا في نزاهتها أو تقليلا من شأنها ولكنها حكومة مستأنسة مثل المعارضة الحزبية ( الملونة ) في عهد الحكم المبارك لذا فهي حكومة لا تصلح لإدارة المرحلة الراهنة
هذا من باب التقدير لا من باب التقديس !!
والله المستعان علي ما تصفون
محمود صبري