اليوم أعترف أنّي فقدتُ آخرَ نقطةِ شغفٍ لديّ، وأنّ قلبي الصامدَ في وجه غيابك بدأ يضعف أكثر فأكثر، اليوم أنا هزيلة، هزيلةٌ جدًا،
أجابهُ الأيامَ وحدي، وأقاومُ الضغوطات، لكنّني، تالله، أحتاجك، أحتاج صوتك وكلماتك، أنا أفتقدُ حتى تنهيدتك، الشوقُ كوى فؤادي، وحبك يتّقد داخله بازدياد، كما لو أنّه الحطبُ للنار.
وكما تعلم، لا أحدَ سواك كان قادرًا على إخماد هذا اللهيب، لا أحد يفهمني كما كنت تفعل، ولا أحد يحتويني كما كنتَ تحنو عليّ حين أضعف...
أصمتُ كثيرًا كي لا تنهار الكلمات وتفضحني، أرتّقُ دموعي كلّ مساءٍ كي لا تغرق وسادتي، لكنّني منهكة...
أشعر أنني أتشبّث بفراغ، أحادثُ غيابك كأنه واقع، وأنت لا تعود... لا تبرّر، لا تسأل، لا تلوّح حتى من بعيد.
واللهِ، لو أنّك ترى ما بداخلي، لبكيتَ حزنًا وندمًا، وحدي قدّمتُ فؤادي وعقلي ومشاعري لك دون تفكير، حادثتُ طيفك، أسكنتك داخلي،
وقّعتُ تنازلًا أبديًا لك عن كلّ ما بي.
ولم أندم، لم أندم يومًا على حبّك،
لكنني الآن أندب قلبي، أعاتبه لأنّه صدّق الأمان معك، لأنّه ظنّك الوطن والملجأ...
أغار من الذكريات التي ما زالت تملك ملامحك، من الأماكن التي احتفظت برائحتك،
حتى الأغاني أصبحت تعذّبني،
كلّ لحنٍ فيها يصرخ باسمك.
تعبت، ما عدتُ أعرف:
هل أحنّ إليك أم إلى نفسي التي كنتُ أعرفها قبل أن تحطّمني؟
أما الآن، فأنا لا أفتقدك أبدًا،
لقد تعلّمت أن أضمّد جرحي بيدي،
أن أُسكتَ الحنين في صدري،
وأن أُربّتَ على قلبي كلّما ارتجف باسمك...
أنا لا أفتقدك، بل أفتقد نفسي التي ضاعت في حبّك،
وها أنا أستعيدها، شيئًا فشيئًا، بثباتٍ موجِعٍ لكنه صادق.
لعلّها الرسالة الأخيرة.