تَكتم المرأة غيظها كأنها تخبّئ بركانًا في صندوق من حرير.
يظنّ من يراها أنها ساكنة، هادئة، مطمئنة، بينما في داخلها تتناوب العواصف على قلبها كما يتناوب الليل والنهار على السماء. إن الغيظ عندها ليس مجرّد غضب، بل جرحٌ مغطّى بابتسامة، ونداء مكبوت يختبئ خلف صمتٍ ثقيل.
تخشى أن يخذلها البوح، أن تنكسر الكلمات بين شفتيها، أو أن يُقال عنها إنها ضعيفة، نزِقة، أو "امرأة لا تُسيطر على نفسها". لذا تفضّل أن تُخفي ما يؤلمها، أن تُعيد تدوير الغضب في أعماقها حتى يصير دمعة باردة، أو تنهيدة طويلة في عزلة الليل.
المرأة حين تكتم غيظها تمارس فعلًا فلسفيًا عميقًا؛ إنها تعلن أنّ قوتها لا تقاس بانفجارها بل بقدرتها على احتمال النار وهي تشتعل تحت جلدها. كأنها تقول للعالم: "أنا أملك أن أصرخ، لكنني اخترت الصمت. أنا أملك أن أُحطّم، لكنني قررت أن أبني داخلي من جديد."
ومع ذلك، يظل كتمان الغيظ معركة صامتة تستنزف الروح. فكل غصّة مكتومة تتحوّل مع الوقت إلى تجعيدة على الوجه، أو إلى وجع غامض في الجسد، أو إلى حكمة مرّة تتسلّل إلى العيون. والمرأة تعرف هذا، لكنها تُدرك أيضًا أنّ غيظها لو انطلق يومًا بغير ضابط لزلزل الأرض من تحت أقدام من استهان بصبرها.
فالمرأة تكتم غيظها لا ضعفًا، بل لأنها تزن بكفّها ميزان الكون: تختار الصمت حين يكون الصمت أرحم، وتؤجل الانفجار حتى يُصبح كلمة عادلة، أو فعلًا لا رجعة فيه. وكأنها بذلك تعيش فلسفة الصبر: أن تحتضن النار في صدرها، وتظلّ قادرة رغم كل شيء على أن تمنح الدفء لا الحريق





































