هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • لو جيت وقلت ف يوم ...
  • تجارب النضج
  • ذو الحجة… شهر النفحات والاستعداد للعيد الأكبر
  • حكم دار عصير الكتب
  • أحاسيس الأبرياء..
  • هُدنة مع العدم
  • تغريد الكروان: ثورة
  • مخاض الكلمات
  • لقاء عابر
  • ذلك الخبر ..
  • دعني أُحبُّك في صمت!
  • حبآ بلا منازع..
  • منك لله يا قابيل - سيرك ولاد الحلو - تيجي نلعب استغماية - خلاويص؟ لسسسه
  • اللامنتمى 
  • المرايا..
  • غرام بالصدفة
  • الصداع النصفي .. والاستخدام الآمن لأدوية العلاج والوقاية
  • النصيب .. تعرفوا معناه ؟!
  • القايمة في مصر
  • لا تُراهِنْ
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شاهين
  5. الضوء القادم من النافذة

لم تكن الحاجة نبيهة تملك من هذا العالم أكثر من نوافذ ثلاث تطلّ على شارع هادىء، وأثاث قديم تعرفه كما تعرف خطوط كفّها، وذاكرة تصحو كل صباح على صوت الكنبة الخشبية كلما تحركت عليها.

وحدتها لم تكن ثقيلة كما يتخيلها الآخرون؛ بل كانت رفيقة صامتة، تقاسمها الشاي، وتقلب معها محطات الراديو الذي لم يعد يلتقط سوى تنهدات الزمن.

 

ذات صباح، حين دفعت ستائر النافذة بيد مرتجفة، رأت شيئًا لم تألفه.

النافذة المقابلة التي ظلت مغلقة منذ شهور، فُتحت أخيرًا.

ظهر ضوء خافت، وتحركت ستارة بيضاء كأنها أول أنفاس بيتٍ يستيقظ من سباته.

شعرت بحاجة غريبة إلى الحديث، إلى أن تُرى، إلى أن تترك أثرًا ولو خفيفًا في حياة ساكن تلك الشقة الجديدة.

 

جلست إلى طاولتها الخشبية، وأخرجت ورقة نقشتها أصابعها بحنين قديم للكتابة.

كتبت رسالة قصيرة، لا تعرف لمن توجهها، لكنها كتبت.

 

(سيدي الجار،

لا أعرف من أنت، لكنني رأيت نورًا يخرج من نافذتك هذا الصباح، ولعله أسعدني أكثر مما ينبغي.

اسمي نبيهة، أسكن الشقة المقابلة منذ ثلاثين عامًا، وقد غادرتني الأصوات كلها.

لا تقلق، لن أزعجك، فقط وجدت في الضوء الذي انبعث من نافذتك شيئًا يشبه الحياة.

لك التحية،

جارتك : نبيهة.)

 

وضعت الرسالة في ظرف أبيض، وكتبت عليه:

"إلى جار النافذة المضاءة."

ثم دفعتها تحت الباب المقابل.

 

في مكان آخر من العمارة، كانت روان، الطفلة ذات العشر سنوات، تصعد الدرج ببطء بعد عودتها من المدرسة، تجر حقيبتها الصغيرة كما لو أنها تحمل فيها عمرًا أثقل من عمرها.

توقفت عند الظرف الأبيض الذي جذب انتباهها.

لا اسم، لا طابع، لا أحد ينظر.

التقطته.

 

جلست في عتبة منزلها، وفتحته.

قرأت الرسالة بصمت مرتين، ثم طوتها كمن يضم سِرًا بين راحتيه.

شيء في نبرة الرسالة جعلها تشعر بأنها كُتبت لها، لا لجارٍ غريب.

وفي مساء ذلك اليوم، كتبت أول رد في حياتها:

 

(جارتي العزيزة نبيهة،

أنا لست الجار الذي قصدتِه، بل أنا روان، أعيش في الطابق الأول.

وجدت رسالتك، وقرأتها، وشعرت بشيء جميل.

نافذتك أيضًا فيها ضوء، لكنه ضوء يشبه القمر.

هل تحبين الحكايات؟ أنا أحبها.

أخبريني عنك، وسأخبرك عن عالمي)

 

ورسمت في نهاية الرسالة زهرة بسيطة تشبهها.

ثم في المساء، تسللت بخفة، ووضعت الرسالة تحت باب الحاجة نبيهة.

 

في الصباح، حين وجدت نبيهة الورقة، قرأتها بسرعة، ثم أعادتها إلى صدرها كأنها تحملها دفء العالم كله.

شعرت بأن الباب الذي ظنته قد أُغلق نهائيًا، انفتح قليلًا.

ولأول مرة منذ سنوات، وضعت الماء على النار لتعد شايًا لشخص غيرها، ولو كان غائبًا.

 

كتبت لها:

 

(روان،

لم أكن أظنك أنت، لكنك كنت أجمل من كل توقع.

نعم، أحب الحكايات...

كنت أكتبها ذات يوم، قبل أن يأخذني الزمان ويزرعني هنا.

سأحكي لك عن ابنتي ليلى، كانت في مثل عمرك، ثم غادرتني في ربيعها العشرين.

منذ ذلك اليوم، لم أكتب، ولم أفتح النافذة كثيرًا...

لكنك، يا روان، جعلتني أفعلها.

شكرًا لأنك قرأتي رسالتي )

 

وهكذا، بدأت المراسلات.

 

واحدة في الصباح، وأخرى في المساء.

نبيهة تحكي عن بيتها، عن الباعة الذين رحلوا من الحي، عن النور الذي كان في الأشياء قبل أن يغيب.

وروان تحكي عن مدرستها، عن حصة الرسم التي تحبها، عن أختها الصغيرة التي تبكي كثيرًا، وعن والدتها التي لا تبتسم إلا نادرًا.

 

رسائل قصيرة، لكنها كانت تنسج بين نافذتين خيطًا خفيًا من الحنان.

وفي إحدى رسائلها، كتبت روان:

 

(أتمنى أن أزورك، لكن أمي لا تحب أن أخرج كثيرًا.

تقول إن الناس ليسوا كما يبدون...

لكنني أراك كما أريد أن أكون، صبورة، هادئة، وكأنك تعرفين شيئًا عن العالم لا أحد يعرفه.

هل كنتِ مثلي حين كنت صغيرة؟)

 

ضمت نبيهة الورقة، ولم تكتب شيئًا ذلك اليوم.

بدلًا من ذلك، جلست إلى كرسيها، وحدقت في النافذة.

رأت الشارع نفسه، لكن بعين مختلفة.

تساءلت: هل يمكن لحياة كاملة أن تُعاد كتابتها عبر نافذة؟

 

مرت أيام، ثم أسبوع، ولم تأتِ رسالة.

روان كانت تنتظر.

كل صباح، وكل مساء، كانت تمر أمام الباب وتحدّق في العتبة.

لا شيء.

 

وفي اليوم الرابع، كتبت بخط صغير:

 

(هل أنتِ بخير؟ اشتقت إلى نافذتك.)

 

ثم وضعت الرسالة بلطف، ومضت.

 

لكن الباب لم يُفتح.

وفي المساء، اجتمعت الجارات عند الباب ذاته، وهمس أحدهم:

_وجدناها... نائمة في كرسيها، كأنها تنتظر رسالة جديدة.

 

لم تصرخ روان.

لم تبكِ أمام أحد.

لكنها، في مساء ذلك اليوم، جلست إلى طاولتها الصغيرة، وكتبت الرسالة الأخيرة:

 

(جارتنا العزيزة نبيهة،

قالوا إنك رحلتِ، لكنني لا أصدق.

أظن أنك فقط ذهبتِ إلى نافذة أكبر، تطلين منها على العالم كله.

سأكتب إليك كلما شعرت بالوحدة، وكلما رأيت ضوءًا يشبه ضوءك.

شكرًا لأنك علمتِني كيف يُرى الناس من الداخل.

صديقتك دائمًا،

روان.)

 

وفي اليوم التالي، صعدت الدرج وحدها، ووضعت الرسالة على حافة النافذة التي لم تُغلق بعد، ثم عادت أدراجها.

 

وكان الضوء ما زال يأتي من النافذة.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
6↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة حسن غريب
9↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
10↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑58الكاتبمدونة خالد دومه56
2↑43الكاتبمدونة كريمان سالم70
3↑29الكاتبمدونة عبير محمد119
4↑23الكاتبمدونة غازي جابر79
5↑18الكاتبمدونة ياره السيد112
6↑15الكاتبمدونة آمال صالح21
7↑14الكاتبمدونة عبير مصطفى73
8↑13الكاتبمدونة عبير بسيوني173
9↑12الكاتبمدونة أسماء نور الدين83
10↑12الكاتبمدونة شيماء الجمل129
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1068
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب687
4الكاتبمدونة ياسر سلمي649
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم566
7الكاتبمدونة آيه الغمري492
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني422
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين416
10الكاتبمدونة سمير حماد 399

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب328549
2الكاتبمدونة نهلة حمودة184323
3الكاتبمدونة ياسر سلمي176074
4الكاتبمدونة زينب حمدي168339
5الكاتبمدونة اشرف الكرم126465
6الكاتبمدونة مني امين115749
7الكاتبمدونة سمير حماد 105385
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي96565
9الكاتبمدونة مني العقدة93479
10الكاتبمدونة مها العطار86758

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
2الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
3الكاتبمدونة محمد عرابين2025-05-15
4الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
5الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
6الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
7الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10
8الكاتبمدونة كريمان سالم2025-05-10
9الكاتبمدونة رشا ماهر2025-05-09
10الكاتبمدونة مها اسماعيل 2025-05-09

المتواجدون حالياً

2075 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع