يطلّ علينا شهر ذو الحجة كضيف كريم، يحمل بين أيامه أعظم الشعائر، وأطيب النفحات. شهر تتهيأ فيه القلوب قبل الأبدان، وتُشحَذ فيه الهمم لبلوغ الخير، سواء للحاج الذي قصد البيت العتيق، أو لمن بقي في بلاده ينتظر أيام العيد المباركة.
ذو الحجة هو شهر الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، حين يقف الملايين على صعيد عرفات، تذوب بينهم الفوارق وتتوحد القلوب في دعاء واحد: "لبيك اللهم لبيك".
وفي أيامه العشر الأوائل، نُذكِّر أنفسنا بأن هذه الأيام أحبّ إلى الله من سواها، فنُكثِر من الذكر، والتكبير، والصيام، ونغتنم الفرص لجبر خواطر الفقراء والمحتاجين.
ومع اقتراب يوم النحر، تبدأ البيوت الإسلامية في كل مكان بالاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك، حيث تُقام شعيرة الأضحية إحياءً لسنة إبراهيم عليه السلام، ويتقاسم الناس لحوم الأضاحي بين الأهل، والفقراء، والجيران، فتتسع دوائر الرحمة وتمتلئ البيوت ببركة العطاء.
عيد الأضحى ليس مجرد مناسبة اجتماعية، بل هو موسم للتسامح، وصلة الأرحام، وتجديد العهد مع الله على السير في طريق الخير. تتهيأ العائلات للزيارات، ويتزين الأطفال بملابس العيد، وتدب الحركة في الأسواق، حيث يستعد الجميع للاحتفال بالأيام المباركة.
وفي ظل هذه الأجواء، يبقى جوهر الرسالة: أن نفرح بالعيد، لكن لا ننسى من حولنا من المحتاجين، وأن تكون فرحتنا شاملة، تدخل كل بيت، وتمسح كل دمعة.
ذو الحجة شهر العطاء، وشهر رفع الأكفّ بالدعاء، وشهر تُغسل فيه الذنوب وتُجدد فيه القلوب.
فليكن استعدادنا للعيد هذا العام استعدادًا للفرح، وللعطاء، ولزرع الخير حيثما حللنا.
كل عام وأنتم بخير، ونسأل الله أن يُبلغنا جميعًا أيام الحج، ويرزقنا نصيبًا من بركة العيد.
ودمتم بخير---