▪︎ صعدَ الشيخ شحرور المئذنة، دار بعينيه حول محيط المسجد، للحظة كاد أن يُغشى عليه، ربما أصابته نوبة المرتفعات، نظر أسفل المئذنة، فتهيّأ له رؤية رجل ينهش في جسد امرأة في عرض الطريق، وهي صارخة تستغيث. الشارع مكتظ بالمارة، وكأنهم سكارى، لا يشعرون ولا يسمعون، أحدهم يسرق نظرة لما تعرّى منها، وآخر يلوم ويتشجب لعلو صراخها، فصوتها "عورة"، وآخرون قالوا: "ليس لنا في الأمر شيء"، ومن جهة ثانية، شاب يضرب أمه، وفي ناحية تقف إحداهن في شرفتها تدعو شابًا للصعود إليها، ورجل في إحدى المحلات يبخس في الميزان، شُلّ تفكيره، وقال في نفسه: "ما فائدة دعواهم للصلاة؟ ليس علينا إلا البلاغ".
"الله أكبر، الله أكبر"... انتهى.
بعد حين، أقام الصلاة وفرغ منها، وقد اجتمع أولئك، وقد أنابوا من كان ينهش في جسد المرأة متحدثًا: "يا شيخ شحرور، لقد اجتمع الرأي على أن يحل محلك آخر، فإن صوتك في الإمامة والأذان ليس فيه خشوع كاف".