الوعي ليس أن ترى بعينيك، بل أن تُبصر بقلبك ما وراء الرؤية.
كثيرون يعيشون، لكن قلّة فقط يستيقظون.
الفرق بين العيش والوعي، كالفرق بين النظر إلى البحر… والغرق فيه حتى تكتشف عمقه.
الوعي هو تلك اللحظة التي تصحو فيها روحك قبل جسدك،
حين تدرك أن الحقيقة لم تكن في الخارج يومًا، بل كانت كامنة فيك.
نظن أننا نبحث عن الحقيقة في الآخرين، في الكتب، في الزمن…
لكن الحقيقة لا تُعطى، إنها تُكتشف حين نصمت بما يكفي لنسمع صوت أنفسنا.
العقل يفسّر، والحواس تلتقط، لكن الوعي وحده يفهم.
إنه الجسر بين الفكر والروح، بين المنطق والإحساس.
وفي لحظة الوعي، نكتشف أن الحقيقة ليست مطلقة كما تصورنا،
بل مرآة تعكسنا نحن، كما نحن في تلك اللحظة من النضج أو الضياع.
قال أحد الشعراء:
"وما الحقيقةُ إلا وعيُنا بها،
فمن استنارَ بها استراحَ، ومن غفلَ عنها تاهَ."
الوعي لا يغيّر الحقائق، بل يغيّر نظرتنا إليها.
حين ترتقي وعينا، نرى الألم درسًا لا عقابًا، والفقد بدايةً لا نهاية.
نرى أن كل حدثٍ يحمل في جوفه رسالة، وأن الصدفة ليست عبثًا، بل ترتيبًا خفيًّا لحكمةٍ أكبر.
الحقيقة لا تزور إلا من هيّأ قلبه لاستقبالها.
أما الغافل، فتمرّ به الحقائق كما يمرّ الهواء، لا يمسك بها ولا يدرك معناها.
لهذا، الوعي ليس رفاهية فكرية، بل ضرورة روحية.
به نحيا بعمق، ونفهم أنفسنا قبل أن نحكم على العالم.
وفي النهاية،
الوعي هو الطريق إلى الحقيقة،
والحقيقة هي النور الذي لا يُرى إلا بعين الوعي.
ومن لم يستيقظ في داخله، سيظل يعيش في ظلال ما يراه… لا في جوهر ما هو عليه.








































