الموت ليس نهاية الطريق، بل مرآة الطريق كله.
حين نعيه بصدق، ندرك أن الحياة ليست بطولها،
بل بما نملأ به لحظاتها من معنى.
الموت لا يخيف من عاش بوعي،
بل يُوقظ فيه إدراكًا بأن كل يومٍ يُمنح له، هو فرصة جديدة ليكون إنسانًا بحق.
الناس تخاف الموت لأنها لم تفهم الحياة بعد.
من يعيشها عبثًا، يراها تُسلب منه فجأة،
أما من يعيشها وعيًا، فيراها تُسلم روحها بسلام.
الوعي بالموت لا يعني انتظار الرحيل،
بل أن نحيا حاضرنا وكأنه آخر ما نملك،
فنُحب أكثر، ونغفر أسرع، ونتكلم بصدقٍ لا يخشى الفقد.
قال أحد الحكماء:
"من وعى الموت، صار قلبه حيًّا."
حين نُدرك أن النهاية قريبة مهما ابتعدت،
تصغر أمامنا التفاصيل التي كانت تُتعبنا،
ونفهم أن الغضب والكره والحسد، ليست سوى مظاهر لجهلنا بقصر العمر.
الوعي بالموت يُعلّمنا التواضع،
ويُعيدنا إلى جوهرنا البسيط الذي تلوث بضجيج الحياة.
الموت لا يأخذ الأحبة،
هو فقط يُبدّل شكل وجودهم.
يبقون فينا ذكرى، وفي وعينا أثرًا،
وفي كل موقفٍ جميل نعيشه، نسمع صدى حضورهم الخفي.
وهنا نكتشف أن الوعي بالموت ليس فناءً، بل خلودٌ من نوعٍ آخر،
خلودُ الأثر، وصدق النية، ونقاء العطاء.
في النهاية،
الوعي بالموت ليس استسلامًا،
بل يقظة.
إنه تلك اللحظة التي ننظر فيها للحياة بعينٍ جديدة،
فنختار أن نحيا كما لو أن كل يومٍ هو أول يومٍ… وآخر يومٍ في الوقت ذاته.








































