سَرَقَ أحدُهم مقالًا لي دونَ أنْ يستأذنَ أو يُزيّلهُ باسمي، دلفتُ حسابهُ لأُوّضحَ لهُ رغم أنَّهُ على عِلمٍ بأنَّ هذا المقال بقلم مريم توركان، رأيتُ حسابهُ وقد تزاحمتْ فيهِ الفتاوى والخِطابات، وبعض التفاسير، والكثير من الأحاديث النبوية الشريفة والمُطّهرة.
خرجتُ من حسابهِ خشيةَ أنْ أكون قد أخطأتُ في العنوان، لكنْ وللأسفِ الشديدِ لم أَكُن مُخطئة؛ فصاحب هذا الحساب هو مَن سَرَقَ مقالي، وّضحتُ لهُ في التعليقات الخاصّة بمقالي الذي قامَ بنشرهِ على أنَّهُ هو كاتبه، لكنَّهُ فَعَلَ شيئًا قبيحًا، حيثُ قامَ بحذف توضيحي دونَ أنْ يعتذر وينسب المقال لي، بل دونَ أنْ يردَّ من الأساس!
لم أسكُت عن حقّي فوّضحتُ لهُ قبيح ما فعل، ثُمَّ أخبرتهُ بأنَّني لن أتنازل عن حقّي في نسبِ المقال لي، والذي هو في الأصلِ مقالي ولكنَّهُ قامَ بسرقته.
لم يستطع حذف توضيحي هذهِ المرّة، لكنَّهُ أيضًا لم ينسب مقالي لي، واكتفى بتزييلهِ بكلمةِ منقول.
شُعورٌ غريبٌ انتابني، كيفَ لإنسانٍ أنْ يكونَ بهذهِ الوضاعة؟
ظاهريًا يَفيضُ ورعًا وزُهدًا، وما خفيَ كانَ أعظم، رغم عدم معرفتي بذلكَ الحسابِ وصاحبه، إلَّا أنَّ بعضَ الدقائق التي تجولتُ فيها بحسابهِ عرّفتني الكثير.
عرّفتني أنَّ تقوى اللَّهِ لا عَلاقةَ لها بزيٍّ بعينه، ولا أسلوبٍ مُنّمق، ولا حتّى طريقة أَّخاذة في عَرضِ علوم الدّين عبرَ حسابٍ شخصي، بل إنَّ التقوى لا عَلاقةَ لها بالمظاهرِ إطلاقًا؛ إذ القلبُ محلّها ولا يعلمُ ما في القلوبِ إلَّا اللَّه، ومن قبيلِ هذا فإنَّ سلوك الفرد الظاهر لنا هو ترجمةٌ لِمَا يحويهِ قلبه، فالورِع لا يحتاجُ للفتِ نظر الآخرين، بل هُم مَن يحكمونَ عليهِ من خلالِ اِحتكاكهم بهِ عن طريقِ المُعاملة.
أعودُ بالحديثِ لسارق مقالي، الذي لم تنهاهُ الآيات القرآنية المعروضة على حسابه، بل لم تنهاهُ الأحاديث النبوية الشريفة والمُطّهرة المعروضة كذلك، ولا حتّى فتاوى العُلماء.. ماذا تفعلُ أنتَ يا هذا؟
لا أدري ماذا يُصنّف مِثلُ ذلكَ السارق، كما أنَّهُ ليسَ ضروريًا أنْ أُصنّفه، إذ أنَّهُ قد صنّفَ نفسهُ بفِعاله.
سَرَقَ ولم يَعُد في سرقتهِ فينسب ما سَرَقَهُ لصاحبهِ ويُقدّم لهُ الإعتذار.
من خلالِ هذا الموقف الصعيب الذي تعرّضتُ لهُ، عَلِمتُ أنَّهُ ليسَ بالضرورةِ أنْ تُنشأ حسابًا لتملأهُ بعلوم الدّين؛ كي يُلبسُكَ النَّاس جلباب التقوى، في حين أنَّ تقواكَ الحقَّ يعلمُها رَبّك، وبِها كانَ التفاضلُ بينَ البشر.