خمسة أشهُرٍ ويزيد من الحربِ والقصفِ والتدمير، والقتل والإعتقال والتهجير، والسرقة والنهب والتخريب، ولا زلنا نَحنُ العرب نيام!
أشقائنا في غزّةَ تُفعَل بِهم الأفاعيل ولا حياةَ لمَن تُنادي، وعلى مَن نُنادي والجوعُ قد بلغَ أقصاهُ في وطننا العربي الحزين، فلا يوجد بلد عربي إلَّا وقد تمَّ اِغتصابهِ بشكلٍ أو بآخر، وللعِلم سياسة التجويع هي سياسة صهيوغربية بإمتياز؛ فها هُم أبناءُ الخطيئة يُمارسونها مع أهل غزّةَ الأطهار.
أمَّا عنَّا نَحنُ الشعوب العربية، فقد تمَّ اِغتيالنا حينَ أضحى رغيف الخُبز هو طموحنا، والحصول عليهِ هدفنا، أصبحنا مُكبَلينَ بالفقرِ لا بالأغلال، وأغلال الفقر أشدُّ ضِيقًا وإيلامًا من الأغلال الحديدية؛ فالفقر لا يأتي وحدهُ أبدًا، إذ يُصاحبهُ الجهل، ويُخالِلهُ المرض، ناهيك عن تبعاتِ كُلّ هذا.
أشقائنا في غزّةَ تاج رؤوسنا، شرف العرب، فخر المُسلمين، وصفوة خلقِ اللَّه من البشر في هذا الزمان.
حينَ شَرَعَ أبو عُبيدةَ في الحديثِ عن جرائمِ خنازير الأرض العُهّار، أيَّدهُ اللَّهُ بالقَبولِ عندَ النّاس، سائر النّاس، لا فرقَ بينَ عربيٍ وغيره.
أبو عُبيدة رَجُلٌ بأُمّة؛ صاحبُ حقٍّ وفي سبيلهِ يُجاهد المُعتدين ومَن يَلونهم.
أبو عُبيدة عَبّاسٌ، فِراسٌ، هيثمٌ، لا يَهاب الموت، كما لا يَخشى في اللَّهِ لومةَ لائم، وقِس عليهِ صفات سائر أشقائنا في غزّة.
كُلّ ما لا يتخيّلهُ عقلٌ قد حَدَثَ في غزّة، وجميع ما يُجرَّم فِعلهُ بالبشرِ عمومًا فُعِلَ بأشقائنا هُناك، والمُحزن أنَّهُ لا زالَ يَحدُثُ ويُفعَل.
خَجِلَ القلم لعدم قُدرتهِ على وصفِ ما لا يُمكن وصفهُ بأيّ حالٍ من الأحوال.
كيفَ يصف القلم شعور إنسانٍ يَرى جُثّة أبيهِ تأكلها الكلاب أمامَ عينه؟
بل كيفَ يصف القلم إحساس اليُتم الذي أصابَ قلبَ طفلةٍ فقدتْ أُمّها وأبيها، رحلا عنها بعدما تعبا حتّى رزقهما اللَّهُ بِها، لتبقى وحيدة مبتورة الأطراف بعد أنْ أُصيبتْ في قصفٍ اِستهدفَ بيتها؟
كيفَ للقلمِ أنْ يصفَ ما لا يُمكن اِستيعابه؟
الفاجعة كبيرة، والخسائر فادحة، وما فقدناهُ لن يُعوَّض ولو توقفتْ الحرب، إذًا عَلَاَمَ الإنبطاح أيُّها المنبطحون؟
لعنَ اللَّهُ مَن والى خنازير الأرض، لعنَ اللَّهُ مَن اِنبطحَ لهم، لعنَ اللَّهُ مَن أعانهم على سفكِ دِماء أشقائنا في غزّة، لعنَ اللَّهُ مَن لم يُناصر الحقّ ولو بشطرِ كلمة.
يكفيني أنَّ اللَّهَ قد لعنَ الظالمين فقالَ تعالى: "ألا لعنةُ اللَّهِ على الظالمين".
واللعن هو الطرد من رحمةِ اللَّه.. فمَن يخذل مظلومًا حُقَّ لهُ أنْ يُطردَ من رحمةِ الحَكَم العدل.
إلى هُنا أكتفي.