رحلة وعود تتلألأ من بعيد…
ثم تسعل وتختفي.
في صباحٍ بائس يشبه موعد استيقاظ ضمير
أعلنت المنظمة العالمية—بهيبة محفوظة في علب قديمة—
انطلاق قافلة العون العالمية.
قافلة تتظاهر بأنها معجزة متحركة،
لكن أول ما تسمعه عند اقترابها
هو أنفاس المحرك وهو ينازع:
«سامحونا… الدعم وصلني فارغا.»
كانت القافلة تمشي كما يمشي الأمل في عالم يحب المفاجآت:
ببطءٍ مسرحي… وتردد مخجل…
توزع ابتسامات بلا بطارية،
وتجمع ما تبقى من كرامة المواطنين الملقاة على الرصيف
مثل خردة فقدت شهادة الضمان
◉ أجنحة القافلة: ق – ع – ع
نفس الشعار… نفس النبرة… نفس الخيبة.
1. ق: قسم القفز على الحقيقة
لغة ملساء تنزلق من يدك كما تنزلق الوعود من نشرة الأخبار.
كلمات تتمطط مثل عذر حكوميٍّ ممل،
يقول لك الموظف بثقة يفوق رصيده المعرفي:
«كل شيء على ما يرام… فقط توقف عن السؤال كي يبقى كذلك.»
2. و: قسم وضع العراقيل
الأوراق هنا تتكاثر أسرع من الوعود،
والمعاملات تحتاج إلى عكّازين وشيخ قبيلة وساحر محترف.
يطلبون منك وثائقا مجهولة النسب،
ثم يبتسمون ابتسامة مسؤول يفتخر بفشل قديم:
«ملفك ناقص… ناقص شيء لا نعرفه… وربما لا ينبغي أن نعرفه.»
3. ع: قسم العتاب الوطني
هنا يذكرك الموظف بأن العالم بخير… وأن المشكلة فيك أنت.
ينظر إليك كما لو كنت مشروع أزمة متنقل،
ويهز رأسه بحكمة جافة:
«لو جئت أمس لكان اليوم جيدا… لكنك جئت اليوم، فصار كل شيء مستحيلا.»
فريق القافلة
القائد: يلوح كأنه يوجه سفينة نوح،
ثم يلوح أكثر عندما يتذكر أن وجبة الغداء تنتظر توقيعا منه.
المصور: لا يهتم بك… يهتم بالابتسامة التي ستظهر في منشور الغد
وكأن العون ليس لك، بل للكاميرا.
قسم الوعود المستقبلية: يوزع علبا شفافة
تلمح داخلها شيئا يشبه الأمل…
لكنها في الحقيقة ممتلئة بهواء فاخر للغاية.
قسم العون الرمزي: يمنحك ورقة تحمل توقيعا،
ثم يكتب تقريرا يحمل بطولة،
ثم يذهب لينام على ضميره الناعم.
الطريق… الكوميديا الكبرى
تصل القافلة متأخرة عن زمنها،
وتمكث بقدر ما يمكث الضمير قبل أن يستقيل،
ثم ترحل بسرعة تشبه انسحاب وعد حكومي بعد انتهاء التصوير.
تلتقط الصور كأنها تصطاد أرواحا،
وتغادر قبل أن يفكر المواطن إن كان ما رآه
هو دعم حقيقي أم برنامج ترفيهي .
الشعار الذي لا يكتب… لكن يسمع في كل خطوة
«نعد كثيرا… نظهر قليلا… ونختفي عندما تبدأ الأسئلة.»
وفي النهاية،
يبقى المواطن ممسكا بورقة لا يدخل بها إلى أي باب،
وابتسامة تشبه الصبر القسري،
ووجع يضحك لأنه تعب من البكاء.
فالقافلة—كالعادة—
جاءت متأخرة،
تركت العون في المقر،
وأخذت معها آخر ما تبقى من الأمل،
وكل ما تبقى للمواطن…
قصة يرويها وهو يضحك حتى يوجعه قلبه.
بقلم: محمد خوجة
يكتب لأن الضحك المر
أصدق من البيان الرسمي.




































