الأمهات في جوهر الوجود كنزٌ لا يُقدّر بثمنٍ وقيمةٌ لا تضاهيها قيمة ونعمة تتنزّل من رحمة الله؛ لا يمكن أن يؤدّى حقّها مهما اجتهدنا، وهنا على وجه التحديد على هذه اللوحة نقف أمام أمٌ ليست عادية أمٌ عظيمة، مربية، مُعينة وصديقة لابنها الصغير، تعمل ليلًا ونهارًا من أجل أن ترى ابنها يَحلق بعيدًا.. بعيدًا، مُحقِّق أحلامه وأحلامها، التي فقدت إحدى أجنحتها من أجل أن تغرس في ابنها حبها وعطفها وإنسانيتها التي سمت بها وبأحلامها في الفضاء قبيل أن تفقد جزءًا من جناحيها.أرسلت لنا الأم في هذه اللوحة، التي تبدو عند رؤيتها من الوهلة الأولى امرأة فنانة تشكيلية رسمت لوحة لصغارها قبل اكتمالها، فجاءها طفلها يبكي من الجوع، ولكنها لا تملك ما تقدمه لابنها في الحال. لكنها عمدت أن تُلهيه فارتدت لبس العمل في المطبخ وجاءت تُشاركه الصبر، ممسكة بيده وبيدها الأخرى ريش، وتوارى لها في خيالها أن ابنها هذا له مستقبل وسوف يطير بجناحين مُحلِّقًا في فضاء عالمه الذي ينتظره؛ ولكن ما يجسده معنى هذه اللوحة فهو أكبر من كونه لوحة تشكيلية فحسب؛ إذ إن من ربتْه والدته في صغره وفقد والده لظروف ما، يكتشف من زاوية حياته أن الأم التي ربّته كانت امرأة عادية وملاكًا يُحلِّق بجناحين، تحمل أحلامًا لتربية أبنائها وتحقيق أحلامهم ليكون عالمها هو ما تصنعه التربية الناجحة والرعاية الكاملة. اليوم انكسر جناحها مبكرًا في رحلة السعي وبذل الجهود لترى أسرتها في وجه صغيرها، كما رأته يحمل بين يديه مستقبلًا لم يتحقق بعد، لكنها بتواضع وبعطف وبحب الأمومة جلست إلى طفلها البريء لتُلقي عليه بُشريات النجاح والأمل بمستقبل ينتظره ولا أحد يقف أمامه، فـالطريق الذي تفتحه الأمهات — كما تقول الأمهات — إنه طريق مبارك.





































