كانت شعاب وتلال ذلك الوادي
تراقب خطواتنا ، ذلك المساء ، وكانت الأشجار تشهد من عليائها
هناك.
على ذلك السور الحجري الصغير.
وكانت جنبات وحنايا المدينة، تحتوينا ، تحضننا
كان ذلك المكان طاهرا ،
لم تطأه رجل أي بشر ،
وكنا وحدنا هناك ،
وكان الناس بلا أحجام ، بلا أصوات
ولم يعد لدي شك ، أن زلازلك ستجتاحني ، تهزني ، توقظني ،
تدمر كل الحزن ، وكل الفراغ وكل النسيان ..
لتغلفني أنت والأشعة الأرجوانية لذلك المساء ..
بالحرية ، بالاحتراق
بالخدر والجنون
بعواصف تأخذني ، تنعطف ، تشعلني نارا ، هواء ، فضاء ..
أحس كمن يدخل في غيبوبة ،
أهوي في المستحيل ، والنفي
أجمع نفسي المبددة ، المتناثرة أشلاؤها من فرط الانفجارات
أسترجع أنفاسي ،
أنصهر تحت سياط نظراتك المداهمة ، التي تحاصرني بقوة ..
بحثت عن نفسي ، حليفتي الأبدية ، لأحتمي بها كعادتي
لكنني وجدت أنها اختارت صفك ،
لجأت إلى أمي الوحيدة ، تعاستي الخضراء ، لكن نظرات عينيك
لاحقتني .. دائما ، وعلمت توا ، أنك من سلالة لا تنتمي إلا إلي
وأنك لن تقو عليك مناوشاتي وأنك توأم نفسي ، طفلي الذي رضع ضوئي ، رغبتي ، أمجادي ..
وأتى اليوم ،
ليطيح بعصور الانتهاك والتردي وليحطم اللعنات السوداء التي لاحقتني، وليبعد عني الرغبات المحاطة بالقهر والإثم ،
وكانت عيناك تشعان بأشعة غروب مخملي ،تلفنا معا ،
تلفنا أنا وأنت ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتمنى أن تحجبني عن نظراتهم ،
وأتمنى أن تحجب نظراتهم عني ..
أن تصبح كبيرا، كبيرا ، عملاقا بحبي
فلا أرى غيرك، ولا يراني غيرك،
وإذا ألقوا بنظراتهم إلي فإنها ستندثر تحت أشعة حبك
غلفني بحبك ، لفني بحنانك وإخلاصك ..
وستنزلق نظراتهم من على جسدي لتسقط عند الأقدام ..
تجول رغباتهم الحمقى وتنفجر في الهواء ، في الفراغ ،في دوائر من رياح الوحشة والغربة ..وسوف أكافح على هذا الطريق ،لأصل إلى قمة وحدتي ، إلى فجرها الوضاء ..
لتطهرني ، من نظراتهم الفاسدة كل مساء ، وتغسل بلمساتها كل خبث أو قذارة هذا العالم العليل ، لأستيقظ في الصباح وقد انقشع عني الضباب الأسود لأتسربل بنور سماوي وليبتسم حبك في أعماق صدري فتورق أنفاسي وتتفتح ورود نفسي لك تحت سماء ساكنة ، مشمسة من أيام الربيع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيا وحدتي ، رفيقتي ،
حولي بحر رغباتهم الهائج إلى بحر لا يسع غيرنا ،
حولي جحيمهم الذي يطاد يحرقني إلى ضباب وندى ،
هدئي نفسي المرتاعة ، دثريني بسحابك النقي ، من كل بهتان ..
ضعي على رأسي من نجومك تاجا ، لأصعد إليك في علوك الشامخ من أسفل قرار ،
ارسمي جسدي بأصابع ملاك ،
لأذوب من الرقة والحب وحتى أبلغ بسموك ،عوالمك الشاسعة من الطمأنينة والراحة والأمان ,,
توهيني في غاباتك الفسيحة لأ تفيأ ظلال أشجارك الوارفة في كل لحظة، في كل وقت ،في كل زمان منسي .