مهما بلغنا من العلم، فإننا ما نزال نتعلّم. ومهما ظننا أننا امتلكنا من الحكمة والخبرة ما يجعلنا قادرين على اتخاذ القرارات الصائبة، تخذلنا التجربة.
تظل في الحياة دومًا أشياء عصيّة على الفهم، مستعصية على التفسير.
فمن يفسّر أن يومًا كاملًا نقضيه مع من نحب يمرّ كلمح البصر، وكأن الساعات دقائق، بينما دقائق مع من لا نطيق تمرّ كالدهر؟ لا تفسير.
كيف نفسّر أن قلبًا يتعلّق بقلب، وهذا القلب مشدود إلى آخر، وذلك الآخر لا يشعر بمن ينبض له؟ لا تفسير.
من يفسّر قدرتنا على الهروب من الواقع إلى الخيال بمجرد إغماضة عين؟ تغمض عينيك فتخلق عالمك الذي تهواه، تستحضر الأشخاص الذين تحبهم، وتبني حياة لا تشبه الحياة. لا تفسير.
هل يمكن أن نفسّر كيف يكون البعيد أقرب من القريب، وكيف يغدو القريب أبعد من كل بعيد، فيما يبقى آخرون مجرد كومبارس صامتين؟ لا تفسير.
أن نفقد حلمًا تلو الآخر، وأمنية بعد أخرى، ومع ذلك يظل للحلم مكان، وتظل الأماني ممكنة؟ لا تفسير.
أن يكون الخوف كل الخوف هو أن نفقد أحدهم، فإذا ضاع ضاع عالمنا معه، وتاهت ملامح الطريق، وتوقفت الحياة؟ لا تفسير.
ببساطة، سنقف حائرين أمام أحداث لا نجد لها تفسيرًا؛ فما نظنه خيرًا ونقاتل من أجله قد يتحول إلى سبب أوجاعنا وآلامنا. وما نجزع منه ونتألم عند وقوعه قد يكون خيرًا خفيًّا يُعدّل مسار حياتنا إلى الأفضل. لا تفسير.
لكن حين نغادر دائرة الأحلام والتأملات إلى واقعنا القاسي، نصطدم بوجه آخر للحياة؛ واقع يمتلئ بالتناقضات التي تفوق طاقة الاحتمال.
واقع يُكافَأ فيه الانتهازي بالتصفيق، ويُدان فيه الصادق بكلمة عتاب، واقعٌ يضجّ بالضوضاء حتى يوشك أن يخنق أنفاس الحالمين.
وما أقسى هذا الواقع على من يملكون حسًّا مرهفًا، وقلوبًا شفافة كالماء؛ أولئك الذين يرون الجرح صغيرًا فيكبر في صدورهم، ويشعرون بما لا يشعر به غيرهم، فتنهكهم التفاصيل التي يتجاهلها الآخرون.
إنهم يعيشون في زمن لا يُنصف المشاعر، ولا يحتمل رهافة الإحساس، فيجدون أنفسهم ممزّقين بين طبيعة قلوبهم العاشقة للصدق والجمال، وقسوة عالم لا يعرف من القيم إلا ما يحقق منفعة أو يرضي نزوة.
ووسط هذا الزحام، يصبح البقاء متيقّظًا، محتفظًا بصفاء القلب، معجزة لا يدركها إلا من عاشها.
ومع ذلك… تظل الحياة تحمل في طياتها بصيص أمل، يضيء لنا ولو من بعيد، يذكّرنا أن بين قسوة الواقع، هناك دومًا من يمنحنا يدًا حانية، أو كلمة صادقة، أو ابتسامة تعيد لقلوبنا دفء ما فقدناه.
الحياة قد تُرهقنا، قد تُعاندنا، لكنها أبدًا لا تبخل علينا بمساحات صغيرة من السعادة، لحظات قصيرة لكنها كفيلة بأن تجعلنا نواصل الطريق.
فلا تحزن إن ضاقت بك السبل، ولا تيأس إن قست عليك الأيام؛ فما دامت قلوبنا قادرة على أن تحب وتُحب، فإن للحياة معنى… وإن طال بنا الطريق، فسنظل نبتسم ونمضي، علينا أن نثق أن الفجر قادم لا محالة لأن الأمل هو التفسير الوحيد الذي لا يحتاج إلى تفسير.
ياسر محمود سلمي
د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
د. راقية جلال محمد الدويك
د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
دينا سعيد عاصم
رهام يوسف معلا
ياره السيد محمود محمد الطنطاوي
فاطمة محمد البسريني
محمد محمد جاد محسن
د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
د. عبد الوهاب المتولي بدر
زينب حمدي
حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
د. شيماء أحمد عمارة
د. نهى فؤاد محمد رشاد
فيروز أكرم القطلبي 




































