أن تُغمضَ عينيك وتعودَ بذاكرتِك إلى الوراء، ليس هروبًا من الواقع، بل عودةٌ إلى الأصل، إلى تلك اللحظة النقيَّة التي كنتَ فيها أنت... قبل أن يُربِّيَك الوجع، ويُعيدَ تشكيلك الواقع، وتُثقلك التجارب، ويسكنك الحنين.
يأخذك الشوق ويقودك الحنين لتتذكّر نفسك يوم كنتَ طفلًا صغيرًا محطَّ أنظارِ الآخرين، موضعَ اهتمامهم وحبّهم، لا تحملُ همًّا، ولا يثقلُ رأسَك قلقٌ أو خوفٌ من الغد.
كان العالمُ بسيطًا كما يجب، نقيًّا كما يُفترض، دافئًا كما تستحقّ الأرواحُ الصافية.
تتذكّر بيتك الصغير كأنَّه وطنٌ مكتمل، وأمّك التي كانت تدعو لك قبل أن تخلُدَ للنوم، وأباك الذي كان يراك أجملَ ما في الحياة.
عندما يَموت والداك أحدُهما أو كِلاهما، تكبرُ فجأة ألفَ ألفِ عام.
رحل الذين كانوا حينما يدعون لك كنتَ تجد السكونَ في الدعاء أكثر مما تجده اليوم في ضجيج الحياة.
تتذكّر أن قلبك أبدًا لم يكن يعرف الحقدَ أو الحسدَ أو الغِلَّ، وأنك كنتَ تُحسن الظنَّ بالجميع وتُحبُّ الخيرَ للجميع،
فتحنو ويحنو عليك الجميع، لأنَّ العالمَ يومها كان يشبه قلبك.
تتذكّر كيف كانت فرحتك بالعيد تملأ الكون، وكيف كنتَ تضع الحذاءَ الجديد بجانب السرير لتراه كلّما استيقظتَ،
وكيف كان فجرُ اليوم التالي كفيلًا بأن يُزيل كلَّ همٍّ صغيرٍ ويُعيدَ الصلحَ مع الرفاق بابتسامةٍ ودودة.
كانت الحياةُ أجملَ حين كانت بسيطةً،
وكانت النفوسُ أنقى حين لم تعرف الأقنعة.
لكنَّنا كبرنا... كبرنا فكبرت معنا مخاوفُنا وأسئلتُنا،
تغيّرنا أو لعلّنا تَغَرَّبنا عن أنفسنا.
صرنا نحملُ همومًا لا تُرى، ونلبسُ وجوهًا لا تشبهنا،
نخشى أن نبدو ضعفاءَ إن أظهرنا حنيننا،
ونخاف أن نُتَّهَم بالسذاجة إن قلنا إننا نشتاق لطفولتنا.
ومع ذلك، تبقى داخلنا مساحةٌ صغيرةٌ لم تلوّثها الأيام،
طفلٌ ما زال يركضُ في ذاكرتنا، ينتظرُنا أن نمدَّ له أيدينا،
نُعيد إليه الدفءَ والصفاء،
ونستعيد معه أنفسَنا القديمةَ التي لم تعرف الزيفَ ولا الأقنعة.
نعم، نحن نحتاج أحيانًا أن نُغمِضَ أعيننا،
أن نُطفِئَ الأضواءَ، أن نعتزل ما يُؤذينا،
ونستحضرَ وجوهَ من نحبّهم،
لعلّ الزمانَ يعودُ بخيالِ مُسافرٍ،
أو لعلّنا نحن من نعودُ إليه...
إلى لحظةِ صدقٍ واحدةٍ، إلى قلبٍ كان يعرف معنى الحبِّ دون شروط،
إلى زمنٍ لم نكن نعرف فيه سوى الطمأنينةَ والسلام.
في النهاية...
ليست العودةُ إلى الماضي ضعفًا،
بل شوقًا إلى الجزء الأجمل فينا الذي لم يمت بعد، إلى البراءة.
وإن استطعنا أن نُحييه، نكون قد انتصرنا على قسوة الحياة.
ليتَ الزمانَ يعودُ،
ولو للحظاتٍ،
لنُخبِرَ من نُحبّهم أنَّهم — رغم الفِراق — ما زالوا فينا.
ولنقول لأنفسِنا القديمة:
اشتقنا إليكِ... فعودي، فقد ضاعت ملامحُنا منذ رحيلك.
ليتني أستطيع أن أمدَّ يدي إلى ذلك الطفل داخلي، لا أمدُّ يدي لأُخرِجه إلى حيث أنتمي، إنّما ليأخذني إليه حيث أهوى.
 
 


























 
  د. نهله فتحي بيومي حموده
 د. نهله فتحي بيومي حموده 
  
  يوستينا الفي قلادة برسوم
 يوستينا الفي قلادة برسوم آمال محمد صالح احمد
 آمال محمد صالح احمد احسين احمد الشريف بن قرين درمشاكي
 احسين احمد الشريف بن قرين درمشاكي دعاء محمد علي الشاهد
 دعاء محمد علي الشاهد د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
 د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد ايمان سعد عبد الحليم بسيوني
 ايمان سعد عبد الحليم بسيوني ابتسام محمد فلاح
 ابتسام محمد فلاح مي حمدي منصور عبد الرحيم
 مي حمدي منصور عبد الرحيم د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
 د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي  د. عبد الوهاب المتولي بدر
 د. عبد الوهاب المتولي بدر  د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
 د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر  ياسر محمود سلمي
 ياسر محمود سلمي  زينب حمدي
 زينب حمدي  حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
 حنان صلاح الدين محمد أبو العنين  د. شيماء أحمد عمارة
 د. شيماء أحمد عمارة  د. نهى فؤاد محمد رشاد
 د. نهى فؤاد محمد رشاد  فيروز أكرم القطلبي
 فيروز أكرم القطلبي 






 4
4




























