ما ستقرؤونه الآن ليس فلسفةً ولا خواطرَ عابرة، ولا تجلياتٍ غامضة، بل تساؤلاتٌ إنسانيةٌ صادقة، ربما راودت الكثيرين منكم، وربما تبحثون مثلي عن إجاباتٍ لها، حتى وإن كانت ناقصة.
تساؤلات شئنا أو أبينا تداخلت وتشابكت وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من واقعنا المُعاش، فهل أنتم مستعدون للإبحار معي لدقائق معدودة لمحاولة الإجابة عن بعض هذه التساؤلات؟
هل تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منفى اختياري؟
هل أصبحنا نهرب إليها ونلوذ بها كلما ضاقت بنا الحياة؟
هل نختبئ في هذا العالم الافتراضي، نُعيد تشكيل ذواتنا فيه كما نريد، ونصنع منه واقعًا موازيًا لما نعجز عن تحقيقه على أرض الحقيقة؟
تأمل قليلًا...
من أقرب إليك حقًا: أصدقاؤك الذين يشاركونك تفاصيل الحياة على الأرض؟ أم أولئك الذين تلتقيهم خلف الشاشة الزرقاء؟
إذا وقعت في أزمة أو وجع، إلى من تلجأ؟
هل تبوح بما في صدرك لمن يعيش معك في بيتك أو حيك؟ أم تكتبه منشورًا تنتظر عليه التعاطف من متابعين لا تعرف أكثرهم؟
في عالم الواقع تُفرض عليك الحياة كما هي، بأفراحها وأثقالها، أما في العالم الافتراضي فأنت من تبنيه وتتحكم فيه، تضيف من تشاء وتحذف من تشاء بضغطة زر.
ربما لهذا السبب يفضله البعض، لأنه يمنحهم شعورًا زائفًا بالسيطرة.
لكن... كم من قلبٍ صادقٍ خُذل خلف هذه الشاشة!
وكم من إنسانٍ وفيٍّ لم يجد مقابل صدقه سوى الجحود والحسد والنكران!
بل وكم من خيانةٍ ومؤامرةٍ نُسجت في الخفاء كما تُنسج على أرض الواقع، وربما أشد قسوة!
وهناك من يعيش في هذا العالم ليُقدِّم نسخةً مثاليةً مزيفةً عن نفسه، يُجمّل واقعه بالكلمات والصور، ويتقمص دور الإنسان الكامل الذي لا يخطئ، فينخدع به الناس ويخدع هو نفسه أكثر.
فكم من متألمٍ يبتسم خلف الشاشة، وكم من حزينٍ يكتب كلمات القوة ليواري ضعفَه، وكم من مكسورٍ يضع على حسابه صورةً لامعةً ليقنع الجميع أنه بخير!
إنها المثالية الزائفة التي تغرينا لنبدو بخير دائمًا، حتى ونحن على حافة الانهيار.
فهل هما عالمان يتكاملان؟ أم أن العالم الافتراضي بدأ يبتلع العالم الحقيقي حتى كاد يمحوه؟
هل خطر ببالك يومًا أن تسأل نفسك:
هل أنا شخص طبيعي؟ أم أصبحتُ مدمنًا لهذا العالم؟
ثم... ماذا عن السعادة التي نبحث عنها في كل زاوية من هذا الفضاء؟
هل يمكننا حقًّا الحصول على السعادة بالحديث عنها عبر مواقع التواصل؟
هل يمكننا صنعها بأنفسنا، أم أننا نستجديها من الآخرين عبر الإعجابات والتعليقات؟
وهل الحصول على السعادة آمن؟ أم أنه مؤقتٌ يليه دفع الثمن بوحدةٍ أعمق، وفراغٍ أكبر، وصمتٍ لا يُطاق؟
ربما حان الوقت لتتراجع خطوة إلى الوراء، لتنقذ ما يمكن إنقاذه من روحك التي استبدلَت الدفءَ بالضوء، والصدقَ بالعرض، والعلاقاتِ الحقيقيةَ بالتفاعلات الافتراضية.
تخيّل أنك بين خيارين:
أن تتخلى عن حياتك الواقعية بكل ما فيها من مشقة وصدق،
أو تنتمي إلى حياتك التي بنيتها خلف الشاشة الزرقاء حيث كل شيء يبدو مثاليًا...
فأيّ العالمين ستختار؟
في نهاية الأمر، يبقى السؤال الأهمّ معلقًا في الأعماق:
هل تحوّل هذا العالم الافتراضي إلى منفى اختياري؟
أم أننا نحن من نفينا أنفسنا إليه؟
فلنعد قليلًا إلى واقعنا قبل أن نفقده،
فالعالم الحقيقي لا يُصنع من ضوء الشاشات،
بل من دفء الأرواح، وصدق اللقاء، ووجوهٍ لا تحتاج إلى فلتر لتبدو جميلة.
أيمن موسى
د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
دينا سعيد عاصم
رهام يوسف معلا
ياره السيد محمود محمد الطنطاوي
فاطمة محمد البسريني
محمد محمد جاد محسن
آمال محمد صالح احمد
م. اشرف عبد الصبور الكرم
فيرا زولوتاريفا
د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
د. عبد الوهاب المتولي بدر
د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
ياسر محمود سلمي
زينب حمدي
حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
د. شيماء أحمد عمارة
د. نهى فؤاد محمد رشاد
فيروز أكرم القطلبي 




































