أشد ما كان يخيفني حين كنت طفلا تلك القرارات الكبيرة المرعبة..
تساءلت دوماً هل سأكبر وأعاقب الآخرين؟ أجمع الناس وأفرقهم؟ هل سيكون غضبي مخيفاً وكاسحا؟
هل سأكبر وأجلس أمام الأخبار في كآبة ؟
هل سأكون نسخة الأب التي كرهتها؟
أهو قدري؟
أتى اليوم الذي أصبحت فيه الإصدار الذي قضيت عمري أفر منه..
واتخذت قرارات مرعبة، اكتشفت فوراً أنني أضعف كثيراً من تحمل تبعاتها وحدي..
وها هي الليلة الأولى بدونها
والوجه الذي ظننت نفسي اعتدته إلى حد السأم، والصوت الذي ألفت رنته، يذوبان.. تختفي كل معالم حياة الكبار التي ضقت بها.. أنا اليوم عازب صحيح البدن ممتلئ الجيب.. ولكني لا أعود كما كنت..
وأشتاق لأشياء لم أتخيل يوماً أنني سأشتاقها..
بل لم أتخيل أن إنساناً عاقلاً قد يشتاق لصراخ زوجته في وجه الصغار!!
أو يحن للعب الصغيرة المبعثرة على الارض و التي كان يهدر غاضباً حين يطأ أحدها..
البيت موحش للغاية ..
لم أعتقد أبداً أن الصخب و البكاء من الممكن أن يكونا مرادفين للأنس..، وأعترف -خلف أستار نفسي- أن صداع الضوضاء كان أفضل كثيرا من وحشة البيت الخالي.
ولا أستطيع أن أشكو.. يجب أن أصمد بكبريائي الحديدي إلى آخر المعركة.. لا أستطيع أن أبكي على كتف أو أن أرتمي في حضن.. ولا أستطيع أن أتصل معتذراً..
كيف وقد تناثرت حكاياتنا على الرؤوس كالملح!
من يلملم هذا الملح ليجمعه في بيت واحد مجدداً؟!!
لن أبكي..
الرجل في بلادنا يجب أن يكون من الخرسانة!
يا للصور!
ألم تكن تلك التي تبدو على وجهينا سعادة حقيقية ؟
لماذا فشلتُ في الحفاظ عليها ؟
كيف تسربت من بين أصابعي؟
كيف وصلت بنا التعاسة إلى باب الفراق ؟
كيف طُردنا وأوصد الباب خلفنا؟
وكيف لم نلتفت لندقه مجدداً؟
لم نجث أمامه متوسلين الدخول؟
كيف أفلت أحدنا يد الآخر بهذه البساطة..
لأننا كبار ؟!
حسبنا أن الكبار لا يعتذرون؟
يتخذون القرارات فقط؟
لا يا عزيزتي .. إنهم يتخذون القرارات.. ويدفعون الثمن!









































