لستُ نادمًا على شيءٍ قدمته.
كنتُ في كل مرةٍ أمدُّ يدي، أُعامِلُ الله قبل البشر، وأزرع الخير وأنا أعلم أن الحساب عنده لا عندهم. وكيف يندم من جعل نيته طاهرة، وقلبه مطمئنًا أن ما خرج منه لم يخرج هباءً؟
لستُ حزينًا على ماضٍ مضى، ولا على غدٍ لم يأتِ بعد. يقيني بالله أكبر من حزني، وأوسع من أي فراغٍ خلّفه الرحيل. ما مرَّ كان درسًا، وما سيأتي وعدٌ لا يخيب، لأن الله لا يترك من صدق.
نعم، كُسِر شيءٌ داخلي…
لكن ليس لأنني أحببت، ولا لأنني أعطيت، بل لأنني صدَّقت أن العطاء وحده كافٍ ليحجز لي مكانةً في قلوب الآخرين. كنتُ أرى أنني أستحق أكثر مما وُضِعتُ فيه، ليس غرورًا، بل لأنني لم أكن أُجيد أنصاف المشاعر، ولا العلاقات الهشّة.
كنتُ أظن أن التقدير يأتي تلقائيًا لمن يُخلص، وأن الامتنان يولد طبيعيًا في قلب من نُحبه بصدق. ظننتُ أن ما أقدمه سيُرى كما هو، بلا شرحٍ ولا مطالبة. لكنني تعلمت أن القلوب ليست سواء، وأن بعضهم يأخذ الخير كأنه حقٌّ مكتسب، لا نعمةٌ تُشكر.
هذا ليس تقليلًا من قدرك، ولا انتقاصًا لمكانتك في قلبي.
فأنا حين أحب، لا أساوم، ولا أوزّع نفسي على دفعات. أحبّ بكلي، بحضوري، بصدقي، وبمساحتي الكاملة. لكن الخطأ الوحيد أنني نسيت نفسي قليلًا، وتركتها في آخر الصف.
لستُ الأفضل، ولن أدّعي الكمال،
لكنني مختلف… وستعرف ذلك يومًا حين تُقارن، وحين تكتشف أن القلوب التي تشبه قلبي لا تمر كثيرًا في الحياة. ستعرف أنني لم أكن سهلًا، ولا عاديًا، ولا قابلًا للتعويض.
لن أتغير…
كل ما في الأمر أنني سأُعيد نفسي إلى مكانها الصحيح. سأمنح قلبي لمن يعرف قيمته، وسأقف عند الحد الذي لا يوجعني. سأظل كريم الشعور، لكن أكثر عدلًا مع ذاتي.
فالخير الذي قدمته لم يضع، والحب الذي خرج مني لم يُهزم، وما انكسر في داخلي لم يكن ضعفًا…
بل وعيًا جاء متأخرًا، ليعلّمني أن تقدير النفس ليس قسوة، بل نجاة.





































